يصير مقربا إليه حينما هو مبعد؟ والموجب لدخول النار كيف يصير موجبا لدخول الجنة؟ بل المقرب إلى العقاب مبعد عن الثواب، و المقرب إلى الثواب مبعد عن العقاب، فكيف يجدي تعدد الجهة؟
(نظير أن يقول في الكفارة المخيرة: صم شهرين، أو أطعم، أو أعتق، و إلا لعاقبتك، ولكن لا تختر في هذه الكفارة من بين الخصال الثلاث المذكورة خصلة واحدة منها: مثل العتق، أو الصوم، أو الاطعام، وإلا لعاقبتك، فإن شناعتها واضحة. سيما بعد ملاحظة أن ما اختاره المكلف يتعين كونه الواجب خاصة).
وأيضا إذا أراد المصلي أن يركع في المغصوب فكيف يقول تعالى له:
لا تركع هذا الركوع البتة، ولو ركعت لعاقبتك، ويهدده ويخوفه على الفعل، ومع ذلك يقول له: اركع هذا الركوع أو غيره أيهما شئت، ولو تركت لعاقبتك ويهدد ويحذر على الترك؟ وكيف يتأتى للعاقل أن ينسب ذلك إلى حكمته تعالى؟ فضلا عن أن ينسب مثل ذلك إلى كل واحد واحد من حركات الصلاة وسكناتها، وكل واحد من أجزأ جميع ما تصادق عليه فيه عمومات كذلك، فإن ذلك مما لا يرضى عاقل أن ينسبه إلى عاقل، فضلا عن أن يكون حكيما، فكيف ينسب إليه تعالى؟ قال بعض الأعاظم: (1) لو قلنا بأن متعلق التكليف هو الطبيعة فلا