المجال، واما المطلق فهو وقوع الطبيعة تمام الموضوع للحكم باعتبار كون المقنن عاقلا غير ناقض لغرضه في مقام اعطاء الدستور، وان شئت قلت: كون الطبيعة موضوعا للحكم بصرافتها واطلاقها من دون ان يقيد بوقت دون وقت أو بأمر دون أمر، فموضوع الحكم في العام هو افراد الطبيعة وفى المطلق هو نفسها بلا قيد ولم تكن الافراد بما هي موضوعا للحكم، وان شئت فاستوضح الفرق بين العام والمطلق من قوله سبحانه. (أوفوا بالعقود) وقوله عز وجل (أحل الله البيع) فان مفاد الأول هو التصريح بوجوب الوفاء بكل مصداق من العقد فمصب الحكم هو الافراد بآلية الجمع المحلى بالألف واللام مثلا، ومفاد الثاني بناء على الاطلاق وتمامية المقدمات، اثبات النفوذ والحلية لنفس طبيعة البيع من غير أن يكون للموضوع كثرة، واما استكشاف صحة هذا الفرد الخارجي من البيع فإنما هو لأجل انطباق ما هو تمام الموضوع للحلية عليه من دون ان يتعرض نفس الدليل للكثرة وسيوافيك مزيد بيان لذلك عن قريب باذنه تعالى.
الثالث: ربما يقال: إن استفادة العموم في جميع المقامات يتوقف على اجراء مقدمات الحكمة لان الألفاظ المقيدة للعموم تابعة لمدخولها فإذا اخذ المدخول مطلقا يدل علي تمام افراده بنحو الاطلاق، وإذا اخذ مهملا أو مقيدا يدل على استيعابه كذلك، ومثلها " لا " النافية إذ هي موضوعة لنفى الطبيعة سواء كان مطلقة أو مهملة واحراز كونها نافية بصرافتها يحتاج إلى اجراء مقدمات الحكمة.
وفيه انه غير متين جدا لو أريد من اجراء المقدمات اثبات كون كل فرد موضوع للحكم لان الاحتياج إلى الاطلاق ومقدماته فيما إذا لم يكن في الكلام دلالة لفظية على أن كل واحد، موضوع للحكم حتى يثبت الاطلاق كون كل فرد موضوعا على مبنى القوم في باب الاطلاق، واما إذا توصل إليه المتكلم بالأدوات الموضوعة له فلا حاجة إليه، (وبعبارة - ثانية): ان موضوع الاطلاق هو الطبيعة وإذا جرت مقدماته يستكشف ان تمام الموضوع هي نفسها دون قيد معها، وموضوع العام هو افراد الطبيعة لا نفسها كما عرفت من قوله سبحانه