أدلة القائلين بالحجية استدل المثبتون بوجوه من الآيات والاخبار والاجماع وغيرهما، اما الآيات فمنها، قوله تعالى: في سورة الحجرات يا أيها الذين آمنوا ان جائكم فاسق بنبأ فتبينوا،. والعمدة في الاستدلال به هو مفهوم الشرط، ودفع كون الشرط محققا للموضوع، وقد قيل في تقريبه وجوه منها ما عن المحقق الخراساني: (ان تعليق الحكم بايجاب التبين عن النبأ الذي جيئ به على كون الجائي به الفاسق يقتضى انتفائه عند افتفائه، وعلى ذلك لا يكون الشرط مسوقا لتحقق الموضوع ولا يخفى انه مخالف لظاهر الآية ومنها ما عن بعض محققي العصر من أن الظاهر أن الشرط هو المجيئي مع متعلقه أي مجيئي الفاسق، فيكون الموضوع نفس النبأ ولمفهومه مصداقان، عدم مجيئ الفاسق، ومجيئي العادل فلا يكون الشرط محققا للموضوع. واما إذا جعل الشرط نفس المجيئي، يكون الموضوع نبأ الفاسق، فيصير الشرط محققا للموضوع. وفيه ان الظاهر بقاء الاشكال على حاله، فان مفهوم قولك: ان جائك الفاسق بنبأ، انه إذا لم يجئك الفاسق بنبأ واما مجيئي العادل مكانه، فليس مذكورا في المنطوق حتى يعلم حكمه من المفهوم أضف إليه ان تعدد المصداق للمفهوم لا يتوقف على ما ذكره من كون الشرط هو مجيئي الفاسق، بل يتم لو كان الشرط هو المجيئي، والموضوع هو نبأ الفاسق، فلانتفائه في الخارج مصداقان، عدم مجيئ النبأ أصلا، ومجيئي العادل بالنبأ. ومع ذلك كله، فالمرجع هو العرف وهو لا يساعده ويمكن تقريب المقام بوجه آخر وهو انه لا فرق في شمول العام لافراده بين كونها الافراد الذاتية أو العرضية إذا كانت القضية شاملة لها على وجه الحقيقية فكما ان الأبيض صادق علي نفس البياض لو فرض قيامه بذاته، كذلك صادق على الجسم المعروض له مع أن صدقه عليه تبعي لدى العقل الدقيق لكنه حقيقية لدى العرف و (عليه) فلعدم مجئ الفاسق بالخبر فردان، عدم المجئ بالنبأ أصلا، لا من الفاسق ولا من العادل، ومجئ العادل بالخبر والأول فرد ذاتي له، والاخر عرضي، فيشمل العام لهما فمفهوم الآية ان لم يجئ الفاسق بالخبر لا يجب التبين سواء جاء به العادل
(١٧٧)