الجزئين من غير احتياج إلى دليل آخر، فان إطالة عمر اليقين هو الكشف عن الواقع واحرازه، فالواقع محرز بنفس الجعل، وان شئت قلت: ان المجعول بالذات هو إطالة عمر اليقين ولازمه العرفي احراز الواقع، لكن اطلاق القيام مقام القطع (ح) لا يخلو من تسامح بل يكون الاستصحاب مصداقا حقيقيا للموضوع.
واما على القول بكونه أصلا فقيامه مقام القطع الطريقي مطلقا غير بعيد لان الكبرى المجعولة فيه اما يكون مفادها التعبد ببقاء اليقين عملا واثرا واما التعبد بلزوم وترتيب آثاره فعلى الأول تكون حاكمة على ما اخذ القطع الطريقي موضوعا، لا لما ذكره بعض أعاظم العصر بل لان مفاده لو كان هو التعبد ببقاء اليقين يصير حاكما عليه، كحكومة قوله (ع): كل شئ طاهر على قوله: لا صلاة الا بطهور، وعلى الثاني يقوم مقامه بنتيجة التحكيم كمالا يخفى، واما قيامها مقام القطع الوصفي فالظاهر قصور أدلتها عن اثبات قيامه مقامه، لأن الظاهر منها اليقين الطريقي، فلا اطلاق فيها بالنسبة إلى الوصفي، وإن كان لا يمتنع الجمع بينهما كما تقدم.
قيام قاعدة التجاوز مقام القطع لا شك ان دليل تلك القاعدة، قاصر عن اقامتها مقام القطع الموضوعي باقسامه لان مفاده كما عرفت ليس الا المضي تعبدا، والبناء على الوجود كذلك، وهذا أجنبي عن القيام مقامه، نعم فيما إذا كان القطع طريقا محضا، ويكون نفس الواقع بما هو هو موضوع الحكم، لا يبعد احرازه بالقاعدة، لا بقيامها مقام القطع الطريقي، بل بنتيجة القيام.
وقد يقال إن للقطع جهات والجهة الثالثة منها: جهة البناء والجري العملي على وفق العلم، حيث إن العلم بوجود الأسد يقتضى الفرار عنه والمجعول في الأصول المحرزة هي هذه الجهة، فهي قائمة مقام القطع الطريقي باقسامه. و (فيه): ان مجرد البناء على الوجود لا يقتضى القيام مقام القطع، وليس في الأدلة ما يستشم منها، ان الجعل بعناية التنزيل مقام القطع في هذا الأثر. واشتراك القاعدة والقطع