يكون الجعل بلحاظ الأثر الفعلي المتحقق في ظرفه، فلا يكون الجعل متوقفا على الأثر السابق فاللغوية مندفعة اما لأجل الأثر التعليقي، أو بلحاظ الأثر المتحقق بنفس الجعل هذا ويمكن ان يقرر الدور بوجه آخر، وهو أقرب مما قرره بعض الأعاظم.
وحاصله: ان تنزيل المؤدى، منزل الواقع، يتوقف على تنزيل الظن منزلة العلم في عرضه، لان الأثر مترتب على الجزئين، وتنزيل الظن متوقف على تنزيل المؤدى حسب الفرض أي دعوى الملازمة العرفية، وان شئت قلت: ان تنزيل جزء من المركب يتوقف على كون الجزء الآخر (غير المنزل) ذا اثر وجدانا أو تنزيلا، و الأول مفقود قطعا، وعليه تنزيل المؤدى يتوقف على ثبوت الأثر لجزئه الآخر أعني الظن، والمفروض ان الظن لا يصير ذا اثر الا بالملازمة العرفية وهى لا تتحقق الا بعد تنزيل المؤدى منزلة الواقع فيلزم الدور ويظهر جواب هذا التقرير من الدور، مما ذكرناه جوابا عن التقرير الأول فلاحظ واما المقام الثاني: أعني مقام الاثبات والدلالة، فلابد في توضيح الحال من التنبيه على ما سيجيئ منا تفصيله عند البحث عن حجية الخبر الواحد، وملخصه:
ان الامارات المتداولة في أيدينا مما استقر عليها العمل عند العقلاء بلا غمض أحد منهم في واحد منها، ضرورة توقف حياة المجتمع على العمل بها، والانسان المدني يرى، ان البناء على تحصيل العلم في الحوادث والوقائع اليومية، يوجب اختلال نظام المدنية، وركود رحاها، فلم يربدا منذ عرف يمينه عن شماله، ووقف على مصالح الأمور ومفاسدها، عن العمل، بقول الثقة، وبظواهر الكلام الملقى للتفهيم وغيرها.
جاء نبي الاسلام صلى الله عليه وآله وأظهر احكاما، وأوضح أمورا، ولكن مع ذلك كله عمل بالامارات من باب انه أحد العقلاء، الذين يديرون حياة المجتمع، من دون ان يأسس أصلا ويقيم عمادا، أو يحدث امارة، أو يزيد شرطا أو يتمم كشف امارة، أو يجعل طريقية لواحد من الامارات، إلى غير ذلك من العبارات التي تراها، متظافرة في