البحث في مقامين الأول في امكان قيامها مقامه ثبوتا بجميع أقسامه سواء كان طريقيا أو موضوعيا، وكان تمام الموضوع أو بعض الموضوع، كان التنزيل بجعل واحد أو بجعلين والثاني في وقوعه اثباتا وبحسب الدلالة.
اما الأول فالظاهر امكانه، ويستفاد من المحقق الخراساني الامتناع فيما إذا كان التنزيل بجعل واحد لوجهين.
الأول ما محصله ان الجعل الواحد، لا يمكن ان يتكفل تنزيل الظن منزلة القطع، وتنزيل المظنون منزلة المقطوع فيما اخذ في الموضوع على نحو الكشف، للزوم الجمع بين اللحاظين المتنافيين أي اللحاظ الالى والاستقلالي، حيث لابد في كل تنزيل من لحاظ المنزل والمنزل عليه، مع أن النظر في حجيته وتنزيله منزلة القطع، آلى طريقي، وفى كونه بمنزلته في دخله في الموضوع، استقلالي موضوعي، والجمع بينهما محال ذاتا.
وأنت خبير بما فيه يظهر من التأمل فيما ذكرناه جوابا لما استشكله بعض أعاظم العصر في تصوير القطع الطريقي على نحو تمام الموضوع. وحاصله ان نظر القاطع والظان إلى المقطوع به وإن كان استقلاليا، والى قطعه وظنه آليا، الا ان الجاعل والمنزل، ليس نفس القاطع حتى يجتمع ما ادعاه من الامتناع، بل المنزل غير القاطع فان الشارع ينظر إلى قطع القاطع وظنه، ويلاحظ كل واحد استقلالا، واسميا وينزل كل واحد منزلة الأخرى، فكل واحد من القطع والظن، وإن كان ملحوظا في نظر القاطع والظان، على نحو آلية، الا انه في نظر الشارع والحاكم ملحوظ استقلالا، فالشارع يلاحظ ما هو ملحوظ آلى للغير عند التنزيل على نحو الاسمية و الاستقلال ويكون نظره إلى الواقع المقطوع به والمظنون بهذا القطع والظن، والى نفس القطع والظن، في عرض واحد بنحو الاستقلال، فما ذكره (قدس سره) من الامتناع من باب اشتباه اللاحظين، فان الحاكم المنزل للظن منزلة القطع، لم يكن نظره إلى القطع والظن آليا، بل نظره استقلالي قضاءا لحق التنزيل، كما أن نظره إلى المقطوع به والمظنون استقلالي.