الشجرة وفوق المنارة كما مثل بهما سيد المحققين السيد محمد الفشاركي على ما حكاه عنه شيخنا العلامة أعلى الله مقامه، فإنك لا تجد أحدا أحس أمرا، وعرف يمينه عن يساره يفعل هذا حسب العادة النوعية، ولا يبعد شمول عنوان المبحث لهذا الشرط أيضا فان مرادهم من الخروج عن محل الابتلاء بمورد التكليف أعم مما لا يكون غير مقدورة عادة أو يرغب عنه الناس ويكون الدواعي مصروفة عنها، والميزان في كل الموارد هو استهجان الخطاب عند العقلاء وان شئت قلت: ان الغرض من الامر و النهى ليس الا حصول ما اشتمل على المصلحة أو عدم حصول ما اشتمل على المفسدة، ومع عدم التمكن العادي على الترك أو الفعل أو صرف الدواعي عن الارتكاب لا تكاد تفوت المصلحة أو تحصل المفسدة فلا موجب للتكليف بل لا يصح لاستهجانه.
واما ما افاده بعض أعاظم العصر (قدس سره) من التفصيل بين عدم القدرة العادية وعدم الإرادة عادة بتقريب ان القدرة من شرائط حسن الخطاب ولابد من اخذها قيدا في التكليف واما إرادة الفعل فليس لها دخل في حسن الخطاب، ولا يعقل اخذها قيدا فيه وجودا وعدما، لأنه من الانقسامات اللاحقة للتكليف، فلا يخلو من اشكال فان التفريق بين عدم القدرة العقلية أو العادية ووجود الداعي الطبيعي إلى العمل أو الانزجار الفطري عنه، بعدم صحة الخطاب في الأولين، والصحة في الآخرين في غاية الغرابة، فان خطاب من يريد الفعل طبعا أو يترك الشئ مستهجن، لعدم الملاك لاظهار الإرادة، كخطاب من لا يقدر، فكما لا يصح النهى عن فعل غير مقدور عادة كذلك يقبح النهى عن شئ لا ينقدح في الأذهان احتمال ارتكابه، كالنهي عن كشف العورة بين الناس موجها ذلك الخطاب إلى صاحب المروة والنهى عن اكل القاذورات واما ما عن بعض الأعيان المحققين (قدس سره) من كفاية الامكان الذاتي أو الامكان الوقوعي في صحة الخطاب وهذا تمام الملاك لصحة الخطاب.
و (عليه) يصح الخطاب في موارد الابتلاء وعدمه ضعيف فان كفاية الامكان الذاتي في هذا الباب غريب، فان خطاب من لا ينبعث عن أمر المولى خطابا حقيقيا مستهجن جدا؟ فان الإرادة التشريعية لا تنقدح الا بعد حصول مباديها