صورتها على نحو لا تقبل التعدد والكثرة وجودا، وإن كانت تقبلها تحليلا، وهذا التدرج والحركة إلى اخذ الصور، مستقران حتى تصل إلى صورة ليست فوقها الصورة، التي هي جامعة لكمالات المراتب الأولية، لكن بنحو الأتم والابسط، وهذه الوحدة الشخصية والبساطة لا يتنافيان مع انتزاع حدود عن الذات المشخصة، لان اجزاء الحد لم تؤخذ بنحو يوجب الكثرة الخارجية حتى يباينه بساطتها، بل الحد وتركبه انما هما بتعمل من القوة العاقلة الناظرة في حقايق الأشياء وكيفية سيرها فتنزع من كل مرتبة جامعا ومايزا (وعليه) فكما ان البساط الخارجية لا تضاد التركب التحليلي، كذلك وعاء المفاهيم ومد الليل الألفاظ فان تحليل المشتق لا ينافي بساطة مفهومه وكونه أمرا وحدانيا، إذ تحليل مفهوم المشتق إلى الذات والحدث وانتزاعهما منه ليس الا كانتزاع الجنس والفصل عن الموجود البسيط المتحد جنسه مع فصله (وبعبارة ثانيه) ان الحد التام لابد وأن يكون محددا ومعرفا للماهية على ما هي عليها في نفس الامر، ولو تخلف عنها في حيثية من الحيثيات لم تكن تاما، وماهية الانسان مهية بسيطة يكون جنسها مضمنا في فصلها، وكذلك فصلها في جنسها، لان ماخذهما المادة والصورة المتحدتان ولابد أن يكون الحد مفيدا لذلك، فلو كانت اجزاء الحد حاكية عن اجزاء المهية في لحاظ التفصيل لم يكن تاما فلا محيص عن أن يكون كل جزء حاكيا عن المحدود بما هو بحسب الواقع من الاتحاد وهو لا يمكن الا بان يكون الحيوان الناطق المجعول حاكيا عن الحيوان المتعين، بصورة الناطقية أي المادة المتحدة بتمام المعنى مع الصورة، فالذات المبهمة المأخوذة على نحو الوحدة مع العنوان في المشتق صارت متعينة بتعين الحيواني، فكأنه قال الانسان حيوان متلبس بالناطقية، وكانت الناطقية صورة له وهو متحد معها، لا انه شئ والناطق شئ آخر هذا كله راجع إلى الشق الأول من كلامه، وبالوقوف والتأمل فيما ذكرنا يظهر ضعف الشق الثاني أيضا، إذ الانقلاب انما يلزم لو كان الذات مأخوذا بنحو التفصيل بحيث يصير قولنا زيد ضارب، اخبارين (أحدهما) الاخبار عن كون زيد زيدا، (ثانيهما) الاخبار عن كونه ضاربا، وقد أشرنا إلى أن التركب انحلالي، ولو سلمنا كون الذات مأخوذا تفصيلا لا يوجب ذلك كونه اخبارين ضرورة ان القائل، بان زيدا شئ له القيام، ما أخبر الاعن قيامه لا عن شيئيته
(٩٢)