وقوع الشئ أو لحوق وجوده يستلزمهما طبعا - نعم لابد من الالتزام بتعدد الوضع في المتعدى واللازم لان قيام المبدء بالذات في الأول بالصدور وفي الثاني بالحلول.
والحاصل انا لا ننكر استفادة السبق والحدث أو الصدور أو الحلول من الماضي مثلا بل ننكر تبادر هذه المعاني بنحو المعنى الأسمى وبنعت الكثرة، بل المتبادر أمر وحداني وهو حقيقة هذه المعاني بالحمل الشايع وإن كان يتحلل عند العقل إلى معان كثيرة وان شئت فاستظهر الحال من لفظ الجسم ومعناه، حيث إن معناه أمر مركب قابل للتحليل وكذلك الفعل فيما نحن فيه، نعم الفرق بينهما ان لفظ (ضرب) كمعناه مركب من مادة وصورة وكذا دلالته على معناه دلالة واحدة منحلة إلى دلالات متعددة دون لفظ (الجسم) ودلالته، فكما ان وحدة حقيقة الجسم لا تنافى التحليل كذلك وحدة فعل الفاعل ووحدة اللفظ الدال عليه لا تنافيه.
فتحصل من جميع ذلك ان لحاظ التحليل العقلي أوسع من متن الواقع، إذ فيه يفك الصادر عن الصدور، والحال عن الحلول، والربط عن المربوط ويلاحظ كل واحد مستقلا بالملحوظية، لكن إذا لوحظ الواقع على ما هو عليه لا يكون هناك تكثر في الصدور والصادر واشباههما الثالثة لا اشكال في اختلاف فعل المضارع في الدلالة، فمنه ما يدل على المستقبل ولا يطلق على الحال الا شذوذا، مثل (يقوم ويقعد ويذهب ويجئ ويجلس) إلى غير ذلك، فلا يطلق على المتلبس بمباديها في الحال ومنه ما يطلق على المتلبس في الحال بلا تأول مثل (يعلم ويحسب ويقدر ويشتهي ويريد)، ومنه الافعال التي مباديها تدريجية الوجود، و ما يقال من أن استعمال المضارع في التدريجيات باعتبار الاجزاء اللاحقة، ممنوع، لأنه لا يتم بالنسبة إلى الأمثلة المتقدمة مما كانت مباديها دفعية، ولها بقاء فلا فرق من حيث المبدء (بين يقدر ويعلم وبين يقوم ويقعد) والالتزام بتعدد الوضع بعيد، ولا يبعد ان يقال إن هيئة المضارع وضعت للصدور الاستقبالي لكنها استعملت في بعض الموارد في الحال حتى صارت حقيقة فيه، (ثم) ان هنا جهات أخرى، من البحث مربوطة بالمشتقات الاسمية سيأتي الكلام فيها الرابعة اختلاف مبادئ المشتقات من حيث كون بعضها حرفة وصنعة أو قوة وملكة