اللفظ المعتاد لهم لعجبوا منها وقصر فهمهم عنها، وكنت عملت على قديم الوقت كتاب النهاية وذكرت جميع ما رواه أصحابنا في مصنفاتهم وأصلوها من المسائل وفرقوه في كتبهم، ورتبته ترتيب الفقه وجمعت بين النظائر ورتبت فيه الكتب على ما رتبت للعلة التي بينتها هناك، ولم أتعرض للتفريع على المسائل ولا لتعقيد الأبواب وترتيب المسائل وتعليقها والجمع بين نظائرها، بل أوردت جميع ذلك أو أكثره بالألفاظ المنقولة حتى لا يستوحشوا من ذلك، وعملت بآخره مختصر جمل العقود في العبادات سلكت فيه طريق الايجاز والاختصار وعقود الأبواب في ما يتعلق بالعبادات، ووعدت فيه أن أعمل كتابا في الفروع خاصة يضاف إلى كتاب النهاية ويجتمع معه يكون كاملا كافيا في جميع ما يحتاج إليه، ثم رأيت أن ذلك يكون مبتورا يصعب فهمه على الناظر فيه، لان الفرع إنما يفهمه إذا ضبط الأصل معه، فعدلت إلى عمل كتاب يشتمل على عدد بجميع كتب الفقه التي فصلها الفقهاء، وهي نحو من ثلاثين كتابا أذكر كل كتاب منه على غاية ما يمكن تلخيصه من الألفاظ، واقتصرت على مجرد الفقه دون الأدعية والآداب، واعقد فيه الأبواب وأقسم فيه المسائل وأجمع بين النظائر واستوفيه غاية الاستيفاء وأذكر أكثر الفروغ التي ذكرها المخالفون وأقول ما عندي على ما تقتضيه مذاهبنا وتوجبه أصولنا بعد أن أذكر أصول جميع المسائل.. وهذا الكتاب إذا سهل الله تعالى إتمامه يكون كتابا لا نظير له لا في كتب أصحابنا ولا في كتب المخالفين، لأني إلى الآن ما عرفت لاحد من الفقهاء كتابا واحدا يشتمل على الأصول والفروع مستوفا مذهبنا، بل كتبهم وإن كانت كثيرة فليس يشتمل عليهما كتاب واحد. وأما أصحابنا فليس لهم في هذا المعنى ما يشار إليه، بل لهم مختصرات ".
وهذا النص يعتبر من الوثائق التاريخية التي تتحدث عن المراحل البدائية