التحقيق بل كلهم حاك ".
وهذا يعني أن رد الفعل العاطفي لتجديدات الشيخ قد طغى متمثلا في تلك النزعة التقديسية على رد الفعل الفكري الذي كان ينبغي أن يتمثل في درس القضايا والمشاكل التي طرحها الشيخ والاستمرار في تنمية الفكر الفقهي.
وقد بلغ من استفحال تلك النزعة التقديسية في نفوس الأصحاب أنا نجد فيهم من يتحدث عن رؤيا لأمير المؤمنين (عليه السلام) شهد فيها الإمام (عليه السلام) بصحة كل ما ذكره الشيخ الطوسي في كتابه الفقهي " النهاية "، وهو يشهد عن مدى تغلغل النفوذ الفكري والروحي للشيخ في أعماق نفوسهم.
ولكن هذا السبب لتفسير الركود الفكري قد يكون مرتبطا بالسبب الأول، إذ لا يكفي التقدير العلمي لفقيه في العادة مهما بلغ لكي يغلق على الفكر الفقهي للآخرين أبواب النمو والتفاعل مع آراء ذلك الفقيه، وإنما يتحقق هذا عادة حين لا يكون هؤلاء في المستوى العلمي الذي يؤهلهم لهذا التفاعل فيتحول التقدير إلى إيمان وتعبد.
3 والسبب الثالث يمكننا أن نستنتجه من حقيقتين تاريخيتين:
إحداهما أن نمو الفكر العلمي والأصولي لدى الشيعة لم يكن منفصلا عن العوامل الخارجية التي كانت تساعد على تنمية الفكر والبحث العلمي، ومن تلك العوامل عامل الفكر السني، لان البحث الأصولي في النطاق السني ونمو هذا البحث وفقا لأصول المذهب السني كان حافزا باستمرار للمفكرين من فقهاء الامامية لدراسة تلك البحوث في الاطار الامامي، ووضع النظريات التي تتفق معه في كل ما يثيره البحث السني من مسائل ومشاكل والاعتراض على الحلول المقترحة لها من قبل الآخرين.
ويكفي للاستدلال على دور الإثارة الذي كان يقوم به التفكير الأصولي السني، هذان النصان لشخصين من كبار فقهاء الامامية: