بوصفه وسيلة رئيسية للاثبات ومصدرا لاستنباط الحكم هي الفكرة الشائعة في صفوف تلك المدرسة التي كانت تقول: " إن البيان الشرعي المتمثل في الكتاب والسنة قاصر لا يشتمل إلا على أحكام قضايا محدودة، ولا يتسع لتعيين الحكم الشرعي في كثير من القضايا والمسائل ".
وقد ساعد على شيوع هذه الفكرة في صفوف فقهاء العامة اتجاههم المذهبي السني، إذ كانوا يعتقدون أن البيان الشرعي يتمثل في الكتاب والسنة النبوية المأثورة عن الرسول (صلى الله عليه وآله) فقط، ولما كان هذا لا يفي إلا بجزء من حاجات الاستنباط اتجهوا إلى علاج الموقف وإشباع هذه الحاجات عن طريق تمطيط العقل والمناداة بمبدأ الاجتهاد. وأما فقهاء الامامية فقد كانوا على العكس من ذلك بحكم موقفهم المذهبي، لأنهم كانوا يؤمنون بأن البيان الشرعي لا يزال مستمرا باستمرار الأئمة (عليهم السلام) فلم يوجد لديهم أي دافع نفسي للتوسع غير المشروع في نطاق العقل.
وعلى أي حال فقد شاعت فكرة عدم كفاية الكتاب والسنة لاشباع حاجات الاستنباط، ولعبت دورا خطيرا في عقلية كثير من فقهاء العامة ووجهتهم نحو الاتجاه العقلي المتطرف.
وتطورت هذه الفكرة وتفاقم خطرها بالتدريج، إذ انتقلت الفكرة من اتهام القرآن والسنة - أي البيان الشرعي - بالنقص وعدم الدلالة على الحكم في كثير من القضايا، إلى اتهام نفس الشريعة بالنقص وعدم استيعابها لمختلف شؤون الحياة، فلم تعد المسألة مسألة نقصان في البيان والتوضيح بل في التشريع الإلهي بالذات. ودليلهم على النقص المزعوم في الشريعة هو أنها لم تشرع لتبقى في ضمير الغيب محجوبة عن المسلمين، وإنما شرعت وبينت عن طريق الكتاب والسنة لكي يعمل بها وتصبح منهاجا للأمة في حياتها ولما كانت نصوص الكتاب والسنة في رأي العامة لا تشمل على أحكام