لاحظ الأستاذ الوحيد (رحمه الله)، لأول مرة في تاريخ هذا العلم: أن الشك في الأحكام على قسمين وليس قسما واحدا، ويترتب على كل منهما حكم، يختلف عن الآخر.
وهذان القسمان هما:
1 - الشك في التكليف، كما لو شك المكلف في تشريع زكاة مال التجارة، أو تشريع الخمس في " الإرث " أو حرمة تدخين الأتباغ أو غير ذلك... وهذا من الشك في أصل ثبوت التكليف من قبل الشارع.
2 - الشك في المكلف به... وهو الشك في الخروج عن عهدة التكليف بعد العلم بثبوته على ذمته، كما إذا شك المكلف في الصلاة الواجبة عليه على رأس الفرسخ الرابع في السفر هي القصر أم التمام، فإن التكليف بفريضة الظهر أو العصر ثابت لدى المكلف بالقطع واليقين، ولكنه يشك في الخروج من عهدة التكليف بالإتيان بالصلاة الثنائية فقط مثلا.
وحكم هذا الشك غير الشك في التكليف.
فإن حكم الشك في أصل التكليف هو البراءة العقلية بموجب قاعدة قبح العقاب بلا بيان.
وأما حكم الشك في المكلف به فهو الاشتغال والاحتياط بموجب القاعدة العقلية المعروفة " الاشتغال اليقيني يستدعي البراءة اليقينية " يقول الوحيد البهبهاني: فرق بين مقام ثبوت التكليف ومقام الخروج عن عهدة التكليف الثابت، إذ مجرد الاحتمال لا يثبت التكليف على المجتهد والمقلد، لما عرفت من أن الأصل براءة الذمة حتى يثبت التكليف ويتم الحجة...
وأما مقام الخروج عن عهدة التكليف، فقد عرفت أيضا إن الذمة إذا صارت مشغولة فلابد من اليقين في تحصيل براءتها للإجماع والإخبار، وثبتت أيضا من العقل والنقل والآيات القرآنية والأخبار (1).