شئ يدل عليه. ومنشأ هذا هو: أن الوجوب معنى بسيط لا ينحل إلى جزءين، فلا يتصور في النسخ أنه رفع للمنع من الترك فقط.
والمختار هو القول الثاني، لأن الحق أن الوجوب أمر بسيط وهو " الإلزام بالفعل " ولازمه المنع من الترك، كما أن الحرمة هي " المنع من الفعل " ولازمها الإلزام بالترك، وليس الإلزام بالترك الذي هو معناه وجوب الترك جزءا من معنى حرمة الفعل، وكذلك المنع من الترك الذي معناه حرمة الترك ليس جزءا من معنى وجوب الفعل، بل أحدهما لازم للآخر ينشأ منه تبعا له.
فثبوت الجواز بعد النسخ للوجوب يحتاج إلى دليل خاص يدل عليه، ولا يكفي دليل الوجوب، فلا دلالة لدليل الناسخ ولا لدليل المنسوخ على الجواز. ويمكن أن يكون الفعل بعد نسخ وجوبه محكوما بكل واحد من الأحكام الأربعة الباقية.
وهذا البحث لا يستحق أكثر من هذا الكلام، لقلة البلوى به. وما ذكرناه فيه الكفاية.
- 10 - الأمر بشئ مرتين إذا تعلق الأمر بفعل مرتين فهو يمكن أن يقع على صورتين:
1 - أن يكون الأمر الثاني بعد امتثال الأمر الأول. وحينئذ لا شبهة في لزوم امتثاله ثانيا.
2 - أن يكون الأمر الثاني قبل امتثال الأمر الأول. وحينئذ يقع الشك في وجوب امتثاله مرتين، أو كفاية المرة الواحدة في الامتثال. فإن كان الأمر الثاني تأسيسا لوجوب آخر تعين الامتثال مرة بعد أخرى، وإن كان تأكيدا للأمر الأول فليس لهما إلا امتثال واحد.