ولا معنى للقول بأن المجاز في نفس مدخولها، لأن مدخولها مثل كلمة " عالم " موضوع لنفس الطبيعة من حيث هي، لا الطبيعة بجميع أفرادها أو بعضها. وإرادة الجميع أو البعض إنما يكون من دلالة لفظة أخرى ك " كل " أو " بعض " فإذا قيد مدخولها وأريد منه المقيد بالعدالة في المثال المتقدم لم يكن مستعملا إلا في معناه، وهو " من له العلم " وتكون إرادة ما عدا الفاسق من العلماء من دلالة مجموع القيد والمقيد من باب تعدد الدال والمدلول. وسيجئ إن شاء الله - تعالى - أن تقييد المطلق لا يوجب مجازا.
هذا الكلام كله عن المخصص بالمتصل. وكذلك الكلام عن المخصص بالمنفصل، لأ نا قلنا: إن التخصيص بالمنفصل معناه جعل الخاص قرينة منفصلة على تقييد مدخول " كل " بما عدا الخاص، فلا تصرف في أداة العموم، ولا في مدخولها، ويكون أيضا من باب تعدد الدال والمدلول. ولو فرض أن المخصص المنفصل ليس مقيدا لمدخول أداة العموم بل هو تخصيص للعموم نفسه، فإن هذا لا يلزم منه أن يكون المستعمل فيه في العام هو البعض حتى يكون مجازا، بل إنما يكشف الخاص عن المراد الجدي من العام.
- 4 - حجية العام المخصص في الباقي إذا شككنا في شمول العام المخصص لبعض أفراد الباقي من العام بعد التخصيص، فهل العام حجة في هذا البعض، فيتمسك بظاهر العموم لإدخاله في حكم العام؟ على أقوال.
مثلا، إذا قال المولى: " كل ماء طاهر " ثم استثنى من العموم - بدليل متصل أو منفصل - الماء المتغير بالنجاسة، ونحن احتملنا استثناء الماء