وإلى هنا يتجلى ما نريد أن نوضحه، فإنا نريد أن نقول بنص العبارة:
إن البعث أو التهديد أو التعجيز أو نحوها ليست هي معاني لهيئة الأمر قد استعملت في مفاهيمها - كما ظنه القوم - لا معاني حقيقية ولا مجازية. بل الحق أن المنشأ بها ليس إلا النسبة الطلبية الخاصة، وهذا الإنشاء يكون مصداقا لأحد هذه الأمور باختلاف الدواعي، فيكون تارة بعثا بالحمل الشائع واخرى تهديدا بالحمل الشائع... وهكذا. لا أن هذه المفاهيم مدلولة للهيئة ومنشأة بها حتى مفهوم البعث والطلب.
والاختلاط في الوهم بين المفهوم والمصداق هو الذي جعل أولئك يظنون أن هذه الأمور مفاهيم لهيئة الأمر وقد استعملت فيها استعمال اللفظ في معناه، حتى اختلفوا في أنه أيها المعنى الحقيقي الموضوع له الهيئة وأيها المعنى المجازي.
- 2 - ظهور الصيغة في الوجوب اختلف الأصوليون في ظهور صيغة الأمر في الوجوب وفي كيفيته على أقوال. والخلاف يشمل صيغة " افعل " وما شابهها وما بمعناها من صيغ الأمر.
والأقوال في المسألة كثيرة، وأهمها قولان:
أحدهما: أنها ظاهرة في الوجوب، إما لكونها موضوعة فيه، أو من جهة انصراف الطلب إلى أكمل الأفراد.
ثانيهما: أنها حقيقة في القدر المشترك بين الوجوب والندب، وهو - أي القدر المشترك - مطلق الطلب الشامل لهما من دون أن تكون ظاهرة في أحدهما.