أما الشيخ فقد جعل من التفكيك بين الأمارات والأصول أساسا لمنهجية حديثة لعلم الأصول وتناول الآثار والنتائج المترتبة على هذا التفكيك بشكل علمي وعميق وخرج نتيجة لذلك بتصورات وأفكار جديدة في علم الأصول.
المنهجية الجديدة لعلم الأصول:
ومهما يكن من أمر فإن الشيخ الأنصاري قد وضع في هذا التقسيم الذي ذكره للدليل أساسا قويا لمنهجية جديدة تماما في علم الأصول، وجعل منه منطلقا جديدا لعلم الأصول، انطلق منه إلى اكتشاف ودراسة الآثار والنتائج العلمية الكبرى المترتبة على هذا التفكيك.
وعلى هذا الأساس بحث الشيخ الأنصاري عن القطع وأحكامه في " المقصد الأول " من كتابه وبحث عن الأدلة الاجتهادية في " المقصد الثاني " من كتابه، في بحث الظن، كخبر الواحد الثقة والإجماع، والسيرة، والشهرة، وهي الظنون الخاصة التي اعتبرها الشارع، بينما بحث الأدلة الفقاهتية التي تجري في ظرف الشك والجهل بالحكم الشرعي الواقعي " وهي الأصول العملية " في " المقصد الثالث " وهو " مبحث الشك ".
ترتيب الأدلة وتقديم بعضها على بعض:
وانطلاقا من الشرح المتقدم في التمييز والتفريق بين " الأدلة الاجتهادية " و " الأدلة الفقاهتية " تتولى المدرسة الأصولية الحديثة عند الشيعة الإمامية أمر تنظيم الأدلة وتقديم بعضها على بعض.
فليس بين الأدلة الاجتهادية والأدلة الفقاهتية بناء على هذا التمييز تعارض حقيقي، كما لا يكون بين العام والخاص تعارض إلا ما يكون من التعارض البدوي غير المستقر.
فإن الأمارات ترفع موضوع الأدلة الفقاهتية تكوينا، وبالوجدان، أو بالتعبد والتشريع، وبارتفاع موضوع الأدلة الفقاهتية ترتفع الوظيفة العملية الثابتة بالعقل