والمقصود ب " الفعل " الحدث الذي يدل عليه المصدر وإن لم يكن أمرا وجوديا، فيدخل فيها - على هذا - نحو قولهم: " لا تترك الصلاة " فإنها من صيغ النهي لا من صيغ الأمر. كما أن قولهم: " اترك شرب الخمر " تعد من صيغ الأمر لا من صيغ النهي وإن أدت مؤدى " لا تشرب الخمر ".
والسر في ذلك واضح، فإن المدلول المطابقي لقولهم: " لا تترك " هو الزجر والنهي عن ترك الفعل وإن كان لازمه الأمر بالفعل، فيدل عليه بالدلالة الالتزامية. والمدلول المطابقي لقولهم: " اترك " هو الأمر بترك الفعل وإن كان لازمه النهي عن الفعل، فيدل عليه بالدلالة الالتزامية.
- 3 - ظهور صيغة النهي في التحريم الحق أن صيغة النهي ظاهرة في التحريم، ولكن لا لأ نهى موضوعة لمفهوم الحرمة وحقيقة فيه كما هو المعروف. بل حالها في ذلك حال ظهور صيغة " افعل " في الوجوب، فإنه قد قلنا هناك: إن هذا الظهور إنما هو بحكم العقل، لا أن الصيغة موضوعة ومستعملة في مفهوم الوجوب.
وكذلك صيغة " لا تفعل " فإنها أكثر ما تدل على النسبة الزجرية بين الناهي والمنهي عنه والمنهي. فإذا صدرت ممن تجب طاعته ويجب الانزجار بزجره والانتهاء عما نهى عنه ولم ينصب قرينة على جواز الفعل، كان مقتضى وجوب طاعة هذا المولى وحرمة عصيانه عقلا - قضاء لحق العبودية والمولوية - عدم جواز ترك الفعل الذي نهى عنه إلا مع الترخيص من قبله.
فيكون - على هذا - نفس صدور النهي من المولى بطبعه مصداقا لحكم العقل بوجوب الطاعة وحرمة المعصية، فيكون النهي مصداقا