- 3 - الوضع تعييني وتعيني ثم إن دلالة الألفاظ على معانيها الأصل فيها أن تكون ناشئة من الجعل والتخصيص، ويسمى الوضع حينئذ " تعيينيا ". وقد تنشأ الدلالة من اختصاص اللفظ بالمعنى، الحاصل هذا الاختصاص من الكثرة في الاستعمال على درجة من الكثرة أنه تألفه الأذهان على وجه إذا سمع اللفظ ينتقل السامع منه إلى المعنى، ويسمى الوضع حينئذ " تعينيا ".
- 4 - أقسام الوضع لابد في الوضع من تصور اللفظ والمعنى، لأن الوضع حكم على المعنى وعلى اللفظ، ولا يصح الحكم على الشئ إلا بعد تصوره ومعرفته بوجه من الوجوه ولو على نحو الإجمال، لأن تصور الشئ قد يكون بنفسه وقد يكون بوجهه، أي: بتصور عنوان عام ينطبق عليه ويشار به إليه، إذ يكون ذلك العنوان العام مرآة وكاشفا عنه، كما إذا حكمت على شبح من بعيد أنه أبيض - مثلا - وأنت لا تعرفه بنفسه أنه أي شئ هو، وأكثر ما تعرف عنه - مثلا - أنه شئ من الأشياء أو حيوان من الحيوانات، فقد صح حكمك عليه بأنه أبيض مع أنك لم تعرفه ولم تتصوره بنفسه وإنما تصورته بعنوان أنه شئ أو حيوان لا أكثر وأشرت به إليه. وهذا ما يسمى في عرفهم " تصور الشئ بوجهه " وهو كاف لصحة الحكم على الشئ. وهذا بخلاف المجهول محضا، فإنه لا يمكن الحكم عليه أبدا.
وعلى هذا، فإنه يكفينا في صحة الوضع للمعنى أن نتصوره بوجهه، كما لو كنا تصورناه بنفسه.