الرحمانية، ومن المعلوم بداهة ان مثل ذلك لا يكون الا أمرا بسيطا وحدانيا غير ذي جهات، وعليه فبعد امتناع المتبائنات في امر وحداني بسيط فلا بد بمقتضي بساطة الأثر ووحدته من وجود جامع وحداني في البين بين تلك الافراد المتعددة المختلفة بحيث نشير إليه بنحو الاجمال بما هو قربان كل تقى وما هو معراج المؤمن وان لك يمكننا تحديده تفصيلا، مع امكان تحديده بوجه اجمالي أبسط أيضا بالإشارة إلى تلك الحقيقة بالوجود المحفوظ بين تلك المراتب من مرتبة صلاة الغريق إلى مرتبة صلاة الكامل العالم المختار، بالغاء خصوصيات الحدود والمراتب الخاصة، فيقال بان حقيقة الصلاة عبارة عن معنى وحداني بسيط غير ذي جهات لا تكون بجوهر ولا عرض بل مرتبة خاصة من الوجود المحفوظ بين المراتب من الصلاة المختلفة المحدودة حدها من التكبيرة إلى آخر التسليم، بالغاء خصوصيات التكبيرة والقيام والركوع والسجود ونحوها، بجعل تلك الحدود والمقولات الخاصة من المشخصات الفردية للصلاة لامن مقولات حقيقتها.
ثم لا يخفى عليك انه كما يستكشف الجامع الافرادي بمقتضى البيان المزبور بين افراد الصلوات المختلفة كذلك لابد من الكشف عن جامع اجزائي أيضا بين الاجزاء من افراد الصلوات يكون هو المؤثر في ذلك الأثر الوحداني البسيط مع كونه أيضا من قبيل الحقايق التشكيكية الصادقة على الزائد والناقص، والفرق بينه وبين الجامع الافرادي هو الفرق بين الطبيعة الصرفة المتحققة بأول وجود فردها والطبيعة السارية في ضمن جميع الافراد، فيكون الجامع الافرادي من قبيل الأول والجامع الاجزائي من قبيل الثاني، من حيث عدم تحققه بمرتبة المؤثر الفعلي منه الا في صورة تحقق مجموع الاجزاء، وان تحقق مرتبة أخرى غير مؤثرة فعلا بتحقق بعض الاجزاء، مثلا لو فرضنا تركب فرد من اجزاء ثمانية أو عشرة يكون المؤثر الفعلي من الجامع المزبور الساري في مجموع الاجزاء الثمانية أو العشرة وما دون تلك المرتبة يكون مؤثرا شأنيا لا فعليا فإذا تحقق في الخارج الاجزاء الثمانية أو العشرة يتحقق الجامع الافرادي أيضا لان تحققه انما هو بأول وجوده فرده. وأما إذا لم يتحقق في الخارج الاجزاء الثمانية أو العشرة بل كان المتحقق في الخارج من ذي اجزاء ثمانية سبعة اجزاء ومن ذي اجزاء عشرة ثمانية ففي مثله لم يتحقق المرتبة المؤثرة الفعلية من الجامع المزبور بل المتحقق في مثله هو المرتبة المؤثرة الشأنية منه.
فإذا تمهد لك هذه الجهة نقول بأنه بعد أن كان للجامع المتصور المزبور بين الافراد