الحقيقة. بل ومن ذلك ظهر الحال في موارد الحمل الذاتي كقولك الانسان حيوان ناطق حيث إنهما مع كونهما متحدين ذاتا ووجودا خارجا، لا يصح استعمال أحدهما في الآخر نظرا إلى ما بين المفهومين من التغاير وكونه في أحدهما بسيطا وفى الآخر مركبا. و بالجملة نقول بان المدار في الحقيقة وصحة الاستعمال انما هو على وحدة المفهوم منهما كما في الانسان والبشر، وصحة الحمل ولو بالحمل الذاتي فضلا عن الشايع الصناعي الذي مداره الاتحاد في الوجود لا تقتضي وحدة المفهوم الموجبة لصحة استعمال أحد اللفظين في الآخر بنحو الحقيقة لأنه يكفي في صحة الحمل مجرد الاتحاد وجودا أو ذاتا وان اختلفا في حدود المفهوم، وعليه فلا يكون مجرد عدم صحة السلب وصحة الحمل من علائم الحقيقة بقول مطلق وكاشفا عن وحدة المفهوم كما هو واضح. نعم صحة السلب بقول مطلق من علائم المجاز من جهة كشفه حينئذ عن اختلاف المفهومين وعدم اتحادهما كما هو واضح. ولذلك أيضا ترى خلو كلمات السابقين عن ذلك حيث إنهم جعلوا صحة السلب بقول مطلق من امارات المجاز وما تعرضوا لصحة الحمل وعدم صحة السلب في جعله في عداد امارات الحقيقة.
ومنها الاطراد في استعمال بلا معونة قرينة في البين حالية أو مقالية، ولا اشكال ظاهرا أيضا في كونه من علائم الحقيقة كما كان عدم الاطراد كذلك من علائم المجاز فإنه بعد أن يرى اطراد استعمال لفظ في مقامات متعددة في معنى وانه في جميع تلك الموارد ينسبق منه معنى واحد يقطع عادة بان الانسباق المعهود في تلك الموارد كان من نفس اللفظ وحاقه لا انه كان من جهة قرينة مخفية في البين أو مناسبة طبيعية، ففي الحقيقة يكون الاطراد من قبيل السراج على السراج حيث إنه كان طريقا إلى التبادر الحاقي الذي هو طريق إلى الحقيقة، وعلى كل حال فلا اشكال في كونه علامة الحقيقة ومما يثبت به الوضع ولو باعتبار كونه طريقا على الطريق، غير أن الكلام فيه في تشخيص موارد الاستعمالات بأنها كانت من جهة القرائن الخاصة والمناسبات الطبيعية أم لا. ثم إن اشكال الدور الوارد في التبادر غير جار في الاطراد كي يحتاج إلى الجواب عنه بما عرفت من الاجمال والتفصيل بداهة عدم توقف الاطراد على العلم بالوضع ولو اجمالا أصلا.