والاستفادة، فلا جرم كان تمام العبرة في مقام الحجية والاستطراق وجودا وعدما على هذا الظهور، قلنا بكون المجمل عبارة عما لا يستطرق به إلى الواقع وكون موارد تعارض الظهورين المنفصلين من المجملات حقيقة، أو بكونه عبارة عما لا يكون له ظهور ودلالة على المعنى المراد بالظهور التصوري وان الموارد المزبورة مبينات حقيقة ولكنها محكومة بحكم الاجمال، من جهة انه ليس لنا حكم في آية أو رواية كان مترتبا على العنوانين المزبورين حتى يصح لأجله النزاع والنقض والابرام في تعريفهما، كما هو واضح.
ومن ذلك ظهر عدم المجال أيضا لما أفادوه من النقض والابرام في بعض الألفاظ الواردة في الكتاب والسنة في أنها من المجملات أو المبينات كآية السرقة، وآية تحريم الأمهات، وقوله: لا صلاة الا بطهور، ونحو ذلك، من حيث حكم بعضهم باجمال اليد في الآية وترددها بين الكف والزند والمرفق، وحكم بعض آخر بعدم الاجمال فيها، وهكذا في آية تحريم الأمهات، وقوله: لا صلاة الا بطهور، وذلك لما عرفت من عدم ترتب ثمرة مهمة على ذلك بعد كون مدار الحجية في باب الظهورات وجودا وعدما على الظهور التصديقي، هذا، مع امكان دعوى كون الأمثلة المزبورة أيضا من المبينات بالمعنى الذي شرحناه، نظرا إلى ظهور اليد في المجموع حسب الظهور التصوري الذي بمعنى الانسباق، وظهور استناد تحريم الأمهات والأخوات إلى خصوص وطيها، وحلية البهيمة إلى اكلها، وظهور النفي في لا صلاة الا بطهور في نفى الحقيقة، وعليه فكانت الأمثلة المزبورة من قبيل المبينات من غير أن يضر بذلك قيام القرينة في بعضها على الخلاف كما في آية السرقة، حيث علم من الخارج بعدم إرادة مجموع اليد في الآية المباركة، وعدم إرادة نفى الحقيقة مثلا في تركيب لا صلاة الا بطهور ونحوه، وذلك من جهة ما عرفت مرارا من عدم اقتضاء القرائن المنفصلة كلية لكسر صولة الظهورات رأسا وجعلها حقيقة من المجملات بل وانما غايتها اقتضائها لعدم حجيتها.
تنبيه: لا يخفى عليك ان الاجمال والتبيين في الكلام أمران إضافيان بالنسبة إلى الاشخاص فربما يكون الكلام مجملا بالإضافة إلى شخص لمكان جهله وعدم معرفته بالوضع أو من جهة تصادم ظهوره عنده بما يصلح للقرينية عليه من الأمور المحفوفة بالكلام، ومبينا عند شخص آخر لعلمه ومعرفته بالوضع وعدم تصادم ظهوره بما حف به بنظره، وهو واضح.