في ظهور الامرين في تعدد الإرادة، خصوصا مع امكان منع أصل ظهور الامرين في استقلالهما في الحد من جهة ان غاية ما يقتضيه الظهور المزبور انما هو الكشف عن تعدد أصل الإرادة والطلب واما محدوديتهما بحدين مستقلين فلا.
وبالجملة نقول بان التصرف في ظهور الامرين في تعدد الإرادة وان كان ممكنا في نفسه، من حيث إنه يكون الانشاء في باب التكاليف كالانشاء في باب العقود في اقتضائه السببية لتحصل مضمونه في الخارج حتى يلزمه تعدد المسبب عند تعدد السبب، بل وانما ذلك كان من قبيل الاخبار كاشفا عن الإرادة وحاكيا عنها، فأمكن ان يقال حينئذ بعدم كشف الانشائين في المقام عن أزيد من إرادة واحدة. ولكنه مع ذلك كله عند الدوران بين التصرفين كان التصرف الأخير وهو التصرف في الحد أهون من التصرف في ظهور الامرين في تعدد الإرادة.
ثم إن ما ذكرنا من الدوران بين الوجوه المزبورة انما هو على المبنى المختار من استقرار الظهور للمطلق وعدم انثلامه بقيام القرينة المنفصلة على الخلاف، والا فبناء على المبنى الآخر الذي تقدم شرحه فلا محالة يكون دليل المقيد حاكما عليه، فلابد من التقييد، ومعه فلا ينتهي النوبة إلى مقام الدوران بين الوجوه المتقدمة، اللهم الا ان يقال بأنه كك فيما لو كانت الدلالة في المقيد المنفصل وضعيا الا فبناء على كون الدلالة فيه أيضا من جهة الاطلاق وقرينة الحكمة فلا، من جهة ان التعليق حينئذ كان من الطرفين ومعه لا وجه لتقديم دليل المقيد وتحكيمه على المطلق، والمقام انما كان من قبيل الثاني، حيث إنه كما كان ظهور المطلق في استقلال الطلب من جهة مقدمات الحكمة كذلك ظهور دليل المقيد أيضا: في قوله أعتق رقبة مؤمنة، في أول مرتبة الإرادة كان من جهة الاطلاق، بحيث لو تم ظهور الأول لابد من حمل الثاني على المرتبة الأكيدة من الإرادة، ومعه لا وجه لتقديم دليل المقيد وتحكيمه على ظهور المطلق وحمل الامر المتعلق به على الامر الضمني.
اللهم الا ان يدفع ذلك ويقال بان ظهور كل امر في أول مرتبة الطلب ظهور وضعي لا اطلاقي، فتدبر.
ثم إن هذا كله بناء على عدم ثبوت المفهوم للمقيد واما بناء على ثبوت المفهوم له فقد يقال بأنه لا اشكال حينئذ في التقييد. ولكن فيه اشكال: إذ نقول بأنه انما يلزم التقييد فيما لو كان القيد بحسب ظهور القضية راجعا إلى أصل الوجوب، والا فبناء على ظهور رجوعه إلى المرتبة الأكيدة من الوجوب أو احتمال رجوعه إليها فلا يلزم التقيد، من غير فرق في