لامن جهة القصور في ناحية المتعلق في قابلية الانطباق على ثاني الوجود وثالثه ورابعه، وبينهما فرق واضح. وهذا بخلافه على المسلك الأول فإنه عليه لا مجال للتفرقة بين الأوامر والنواهي من جهة المصلحة والمفسدة من حيث الشخصية والسنخية، وذلك لان مقتضى الطبيعة الصرفة بعد أن كان هو الانطباق على خصوص أول وجود فلازمه انما هو سقوط التكليف رأسا باتيان أول وجود، من غير فرق فيه بين كون المصلحة والمفسدة على نحو الشخص أو السنخ، من جهة حصول تمام السنخ حينئذ تبعا للمتعلق بأول وجود، فلابد حينئذ من المصير في الفرق المزبور بين الأوامر والنواهي إلى اختلاف نتيجة الحكمة وانها في الأوامر هي الطبيعة الصرفة وفي النواهي بملاحظة القرينة النوعية هي الطبيعة السارية كما هو واضح، فتدبر.
وحيثما اتضح هذه الجهة فلنشرع في شرح مقدمات الاطلاق فنقول:
اما المقدمة الأولى التي هي عمدتها وهي كون المتكلم في مقام البيان فتارة يراد به كون المتكلم في مقام بيان تمام مرامه بوصف التمامية بأعم من كلام به التخاطب و بكلام آخر له ولو منفصلا عن ذلك، في مقابل السلب الكلي، وهو ما إذا لم يكن في مقام البيان رأسا بل في مقام الاهمال والاجمال، وبعبارة أخرى كون المتكلم في مقام بيان مرامه الواقعي بلفظه أو به وبكلام آخر منفصل عن هذا الكلام، وأخرى يراد به كون المتكلم في مقام بيان مراده باعطاء الحجة إلى المخاطب على المراد بلفظ به التخاطب أو به وبما يتصل به من كلام آخر على نحو يعد المجموع عرفا كلاما واحدا، لا مجرد كونه في مقام الجد لبيان المرام الواقعي النفس الأمري، في قبال اهماله من رأس ولو لم يكن في مقام اعطاء الحجة والظهور على المراد إلى المكلف.
وربما يختلف هذان المعنيان بحسب اللوازم أيضا، فإنه على الأول لو ورد في قباله عام وضعي منفصل يلزمه تقديم ذلك العام الوضعي عليه بلا كلام ورفع اليد به عن أصل ظهوره الاطلاقي وذلك بلحاظ ان أصل ظهوره في الاطلاق وفي كونه تمام المراد حينئذ منوط ومعلق بعدم بيان المتكلم جزء مرامه بكلام آخر فيما بعد، والا فمع وجود البيان على بعض مرامه فيما بعد لا يكاد يكون له هذا الظهور الاطلاقي، فكان أصل ظهوره في الاطلاق وكونه تمام المراد حينئذ من لوازم عدم مجئ القيد ولو بالأصل، وفي مثله من المعلوم انه بالظفر بكل بيان وحجة على القيد يرتفع هذا الأصل بالمرة، كارتفاع اللابيان الذي هو