إلى كل جماعة جماعة، فان أريد من المصاديق ما هو القابل للتكرر بنحو لا يلزم التداخل في الحكم يؤخذ بأقل الافراد القابل للتكرر في جميع الدوائر، فيحمل قوله: أكرم كل جماعة، على كل ثلاثة ثلاثة منها من جهة ان هذا المعنى مما له نحو تعين بالذات، بخلاف بقية المصاديق كالأربعة والخمسة والستة وما فوقها، فإنها أيضا وان كانت قابلة للتكرر الا انه لا تعين في واحد منها حتى يحمل عليها، بخلاف أقل الافراد من الجمع وهو الثلاثة فان له نحو تعين بالذات، واما ان أريد من المصاديق ما هو القابل للتداخل في الحكم أيضا ففي مثله يؤخذ بجميع المراتب من الثلاثة والأربعة والخمسة وما فوقها، ويحكم بالتداخل في الحكم.
ومن هذه الجهة ظهر جهة فرق آخر بين التثنية والجمع، حيث إنه في التثنية لا يتصور العموم باعتبار الوجه الأخير، بل العموم المتصور فيها كما في أسامي الاعداد يتصور بأحد الوجهين الأولين من الوجوه الثلاثة المتصورة في الجمع، بخلاف الجمع، فان العموم فيه باعتبار كون مفهومه معنى تشكيكيا محفوظا بين جميع المراتب من الأقل والأكثر يتصور على وجوه ثلاثة: من حيث كون العموم تارة ناظرا إلى الآحاد المندرجة تحت مصاديق الجمع، وأخرى إلى نفس مصاديق الجمع، مع كونه على الثاني تارة بإرادته من المصداق ما هو القابل للتكرر كي لا يلزم التداخل، وأخرى بإرادته من المصداق ما هو القابل للتداخل والتأكد في الحكم، وان كان مثل هذا الفرض بعيدا في نفسه بل غير واقع من جهة بعده عن أذهان العرف وأهل اللسان.
ثم إن هذا كله فيما لو أحرز كون نظر العموم إلى الآحاد المندرجة تحت المصاديق، أو إلى نفس مصاديق الجمع، واما ان لم يحرز كون العموم بلحاظ المصاديق، فيحمل على إرادة العموم بلحاظ الآحاد المندرجة تحتها، ويدفع احتمال كونه بلحاظ نفس المصاديق، بشمول اطلاق الجمع لصورة انحصار افراده بأقلها وهو الثلاثة، من جهة ان شمول اطلاقه لصورة انحصار الافراد والآحاد بالثلاثة ينافي لا محالة مع احتمال كون العموم بلحاظ نفس المصاديق، حيث إنه لا يبقى مجال للعموم الا بلحاظ المندرجة تحت المصاديق، غاية الامر بما ذكرنا يحمل على أقصى الافراد وأعلى المراتب أقل كانت أم أكثر من جهة تعينه بالذات، كما هو واضح.