وعليه فلا يكاد يوجب حرمة التشريع حرمة الافتاء والعمل الخارجي الجوانحي، حتى يوجب فساده إذا كان عبارة، ولو مع فرض انكشاف مشروعية المأتي به واقعا وتبين كون ما بنى على وجوبه أو جزئيته باعتقاد حرمته وما نعيته واجبا شرعا وجزء للمأمور به واقعا وفرض كون تشريعه في تطبيق المأمور به على المصداق لا في مقام الامر الشرعي.
ومن ذلك البيان ظهر أيضا بطلان ما أفيد بان ذات العمل وان لم يكن قبيحا ومبغوضا حينئذ الا انه من حيث صدوره من المكلف كان قبيحا ومبغوضا، ومعه لا يكون قابلا للتقرب به، وجه البطلان يظهر ما سبق من كون المحرم هو البناء القلبي الذي هو من فعل الجوانح وخروج العمل بقول مطلق عن موضوع التشريع المحرم، كيف ومع الغض عن ذلك نقول: بان ما هو القبيح حينئذ انما كان حيث إضافة العمل إلى الفاعل دون نفسه، وفي مثله لا بأس بالتقرب بذات العمل بعد فرض كونه راجحا واقعا وكون تشريعه أيضا في تطبيق ما هو المأمور به على المصداق الخارجي لا في ناحية الامر الشرعي فتأمل، وعلى فرض سراية القبح والمبغوضية إلى ذات العمل ولو بدعوى اتحاد الوجود والايجاد وكون الاختلاف بينهما بالاعتبار، نقول انه وان كان يلزمه حينئذ فساد العبادة، لكن يلزمه أيضا المصير إلى الفساد في المعاملة أيضا بناء على ما سلكه القائل المزبور من اقتضاء النهى عن المعاملة لفسادها، من جهة اقتضاء النهى لخروج المعاملة عن حيطة قدرة المكلف وسلطانه، إذ حينئذ بمقتضي هذا النهى التشريعي يخرج العمل عن حيطة قدرته وسلطانه بنحو كان له الفعل والترك، ومع خروجه عن حيطة قدرته وكونه أجنبيا عنه لا جرم يبطل المعاملة، فلا يصح حينئذ التفكيك بين العبادات والمعاملات في اقتضاء النهى التشريعي للفساد، هكذا افاده الأستاذ دام ظله في بحثه، ولكن أقول: بان التأمل في كلمات القائل المزبور يقتضي عدم ورود هذا الاشكال عليه حيث إنه قدس سره انما يدعى خروج النقل أو العمل عن حيطة قدرة المكلف وسلطانه بالنهي أو الامر فيما لو كان النهى أو الامر متعلقا بالشئ بمعناه الاسم المصدري لا مطلقا ولو كان المنهى عنه هو الشئ بمعناه المصدري، وعليه فإذا كان المنهى عنه في المقام على ما صرح به في التقرير حيث إضافة اصدار العمل من المكلف بهذا العنوان لا نفس الصادر فلا يكون فيه جهة مبغوضية أصلا، فلا جرم يلزمه الالتزام بعد الفساد في المعاملة، واما التزامه بالفساد في العبادات فإنما هو من جهة اعتباره في