يبقى الكلام في تشخيص صغريات باب التزاحم عن صغريات باب التعارض، وان مقتضي ظهور الخطابين عند عدم قيام قرينة قطعية من اجماع أو غيره على وجود الملاكين في المجمع هل هو كونه من باب التزاحم مطلقا؟ أو من باب التعارض كك؟ أو يفصل بين صورة تعدد عنوان المأمور به والمنهى عنه وبين صورة وحدة عنوان المأمور به والمنهى عنه؟ كما في اكرام العالم والهاشمي فيما لو تعلق الامر مثلا باكرام العالم والنهى باكرام الهاشمي.
فنقول: اما فرض تعدد عنوان المأمور به والمنهى عنه حقيقة كالغصب والصلاة قضية اطلاق الخطابين حينئذ الكاشف عن وجود الملاك والمصلحة في موضوعيهما على الاطلاق حتى في المجمع بل وفي حال العجز عن موضوعهما وجدانا أيضا، كما كان ذلك هو الشأن أيضا في كلية الخطابات. ومن ذلك أيضا ترى بنائهم على كشف قيام المصلحة بمتعلق التكاليف على الاطلاق حتى في حال العجز عن امتثالها من مثل تلك الخطابات مع الجزم باختصاص فعلية التكليف بحال القدرة، من غير تخصيص للمصلحة أيضا بحالها الا في فرض اخذ القدرة أيضا قيدا في حيز الخطاب كما في الحج، وحينئذ فإذا كان قضية اطلاق الخطابين هو الكشف عن وجود الملاك في موضوعهما على الاطلاق حتى في المجمع، فقهرا يندرج في باب التزاحم الذي من حكمه هو الاخذ بأقوى الملاكين منهما.
نعم هنا اشكال معروف وهو ان طريق كشف المصلحة في المتعلق انما كان حيث ظهور الخطاب في فعلية التكليف والا فلا دلالة له على وجود المصلحة في المتعلق أو قيام الرجحان به في قبال دلالته على فعلية التكليف، وحينئذ فإذا فرض سقوط دلالته على فعلية التكليف بمقتضي حكم العقل بتخصيص فعلية التكليف بحال القدرة وعدم العجز فلا جرم مع سقوط دلالته هذه لا يبقى مجال الكشف عن قيام المصلحة في المتعلق على الاطلاق حتى في حال العجز وعدم القدرة، ومعه أين الطريق بعد لكشف المناط والمصلحة في المتعلق على الاطلاق؟ ولكن يدفع هذا الاشكال بأنه انما يتم ذلك فيما لو كان حكم العقل باشتراط القدرة في الارتكاز بمثابة يكون من القرائن الحافة بالكلام الكاسرة لظهور اللفظ نظير قرينة الحكمة فإنه حينئذ كما أفيد لا يبقى مجال الكشف عن وجود الملاك والمصلحة من اطلاق الخطاب، لان دلالة الخطاب والهيئة على قيام المصلحة في المتعلق لما كانت بالالتزام كانت فرع دلالته على فعلية التكليف وبعد سقوط دلالته