ظرف عدم ضده كذلك ذلك أيضا لا يتحقق الا في ظرف عدم ذلك، وهو واضح الاستحالة، من جهة استلزامه لكون الشئ في رتبتين، وبيان ذلك انا لو فرضنا في مثل الصلاة والإزالة مثلا توقف الإزالة على عدم الصلاة توقف الشئ على عدم مانعه، فلازم التوقف والمقدمية هو تقدم العدم المزبور على وجود الإزالة، ولازم ذلك بمقتضي حفظ الرتبة بين النقيضين تقدم وجود الصلاة أيضا على الإزالة، نظرا إلى كونها في رتبة عدمها الذي هو مقدم رتبة على وجود الإزالة، فإذا فرضنا حينئذ بمقتضي المعاندة المزبورة توقف الصلاة أيضا على عدم الإزالة توقف الشئ على عدم مانعه يلزمه لا محالة بمقتضي حفظ الرتبة بين النقيضين تقدم الإزالة أيضا وجودا وعدما على وجود الصلاة، ولازمه حينئذ صيرورة كل من الصلاة والإزالة في رتبة متأخرة عن الاخر الملازمة لكون كل منهما في رتبتين، وهو كما ترى مقطوع استحالته، وحينئذ فكان ذلك برهانا قطعيا على استحالة ما ادعى من المقدمية بين الضدين كما هو واضح، هذا.
وقد أورد على المقدمية أيضا من جهة محذور الدور، بتقريب انه كما يتوقف وجود أحد الضدين على عدم الضد الاخر توقف الشئ على عدم مانعه كذلك يتوقف العدم المزبور أيضا على وجود هذا الضد توقف عدم الشئ على وجود مانعه، لبداهة ثبوت المعاندة من الطرفين والمطاردة من الجانبين، وهو دور واضح، من جهة توقف كل منهما حينئذ على الاخر.
وأجيب عن الدور المزبور بان فعلية التوقف انما كانت من طرف الوجود خاصة لا من طرف العدم، بدعوى ان عدم الشئ انما يستند إلى وجود المانع في ظرف ثبوت المقتضي له مع شراشر شرائطه، والا ففي ظرف عدم وجود المقتضي لا يكاد استناده الا إلى عدم ثبوت المقتضي له لا إلى وجود المانع، ومن ذلك ترى عدم صحة استناد عدم الاحراق إلى وجود الرطوبة مع عدم وجود النار أو عدم تحقق شرطه الذي هو المماسة و المحاذاة الخاصة، بخلافه في ظرف وجود أصل النار وتحقق المحاذاة الخاصة ومماسة الجسم مع النار إذ صح حينئذ استناد عدم الاحراق إلى وجود المانع والرطوبة، وعلى ذلك فحيث أنه تحقق الصارف في المقام عن الوجود فلا جرم في مثله يكون عدم الضد مستندا إلى عدم الإرادة والصارف الذي هو أسبق رتبة من المانع لا إلى وجود الضد حتى يلزم الدور، كما هو واضح، هذا.