يتحقق بموافقة الامر الغيري ومخالفته كتحققهما بموافقة الامر النفسي ومخالفته، فلا قصور في الحكم بترتب المثوبة والعقوبة على الواجبات الغيرية التوصلية أيضا بل وترتب القرب عليها أيضا فيما لو كان الاتيان بها بداعي أمرها، ومن ذلك قلنا سابقا في مبحث قصد القربة باشتراك الواجبات التوصلية مع التعبدية من جهة المقربية نظرا إلى عدم انفكاك الامر بها عن القربة وعدم اتصاف المأتى به فيها بعنوان المأمور به الا باتيانها عن دعوة أمرها، وان تمام الفرق بين التوصلي والتعبدي انما كان من جهة مدخلية حيث القرب في سقوط الامر وسقوط الغرض في العبادات وعدم مدخلية في التوصليات، من جهة سقوط أمرها وحصول الغرض فيها بمحض حصول العمل وتحققه كيفما اتفق ولولا عن داع قربى، كما هو واضح.
واما اشكال لزوم تعدد المثوبة والعقوبة في فعل واجب واحد له مقدمات وتركه بترك ما له من المقدمات، فغير وارد، من جهة ما عرفت من أن وحدة المثوبة والعقوبة تابعة وحدة التسليم والطغيان وتعددهما التابعين لوحدة الغرض وتعدده، فإذا لا يكون الغرض حينئذ الا واحدا لا يكون له الا تسليم واحد وطغيان كذلك، ومعه لا يكاد يترتب عليه الا مثوبة واحدة وعقوبة كذلك وان كان له مقدمات عديدة لا تحصى، و على ذلك فالتسليم وان كان يتحقق بمجرد شروع العبد في المقدمة ويستحق عليه المثوبة، و لكنه لما كان الغرض واحدا فلا محالة يكون التسليم أيضا واحدا ويمتد هذا التسليم الواحد إلى زمان الاتيان بذيها الذي هو المطلوب النفسي، كما أنه كذلك أيضا في طرف الطغيان حيث إنه يتحقق بمجرد الشروع في المقدمة ويمتد إلى زمان تحقق الحرام في الخارج، لا انه يتعدد التسليم والطغيان بتعدد المقدمات حتى يلزمه تعدد المثوبة والعقوبة أيضا كما هو واضح، كوضوح ان استحقاقه للمثوبة والعقوبة على التسليم والطغيان بشروعه في مقدمات الواجب أو الحرام أيضا انما يكون فيما إذا استمر على ذلك ولم يحصل له البداء بعد ذلك في العصيان أو الإطاعة، والا فلو حصل له البداء بعد ذلك وحصل منه الطغيان بترك الواجب يكون طغيانه ذلك بعكس التوبة من الحين رافعا لما استحقه على تسليمه السابق بحيث كأنه لم يفعل شيئا ولم يتحقق منه التسليم أصلا مع صدور هذا الطغيان منه، كما أنه في صورة العكس يكون الامر بالعكس. فإذا كان بصدد ترك الواجب أو فعل الحرام وأتى ببعض المقدمات ثم ندم واتى بالواجب أو ترك الحرام