مع انقلابه بالنقيض في ظرف التكليف، ومن ذلك لو علم في الحال بأنه يتوجه إليه تكليف من المولى في الغد لابتلائه بغرض كذا وكذا ولكنه غفل في الغد عن التكليف فلم يأت بالمأمور به أو انقلب علمه شكا فأجرى البراءة عن التكليف لا يكاد يستحق العقوبة عليه، كما أنه في فرض العكس لو قطع بعدم التكليف في الغد ثم انقلب قطعه في الغد إلى القطع بالوجود يستحق العقوبة عليه لو خالفه. وحينئذ نقول بأنه إذا كان المدار في البيان وكذا اللابيان على البيان في ظرف التكليف فلا جرم بعد فرض عدم التكليف الفعلي بذيها قبل حصول الشرط والمنوط به خارجا لا يكاد يجدي مجرد العلم بحصول المنوط به والشرط وفعلية التكليف والغرض بذيها بعد ذلك في وجوب تحصيل مقدماته الوجودية واستحقاق العقوبة على تفويت الواجب بوجه أصلا الا باثبات كونه مكلفا من الحين بحفظ الواجب البعدي من قبل مقدماته الاختيارية ومعه يرجع لا محالة إلى ما ذكرناه، كما هو واضح.
ثم إن هذا كله في غير المعرفة من المقدمات، واما هي فقد يقال كما عن بعض الاعلام بأنها تكون واجبة بالوجوب الطريقي لتنجيز الواقع عند الإصابة كما في سائر الطرق بحيث كان العقاب على نفس المخالفة لا على ترك التعلم، ولكن التحقيق خلافه إذ نقول بان التعلم لا يخلوا امره اما ان يكون تركه يؤدى إلى الغفلة عن أصل التكليف في ظرفه، واما ان لا يكون كذلك بل كان بعد يحتمل وجود التكليف، وعلى الثاني اما ان يتمكن من الاحتياط في ظرفه بالجمع بين المحتملات واما ان لا يتمكن من الاحتياط كما لو دار الامر بين الوجوب والحرمة في فعل شخصي. فعلى الأول يكون حال التعلم حال المقدمات المعدة التي يلزم من عدم تحصيلها عدم القدرة على الواجب في ظرفه لأنه بعد تأدية تركه إلى الغفلة عن التكليف يكون غير قادر على الاتيان بالواجب ومعه يكون حكمه حكم سائر المقدمات المفوتة، طابق النعل بالنعل. واما على الثاني فلا وجه لوجوبه رأسا مع فرض تمكنه من الاحتياط البناء على صحة عمل المحتاط التارك لطريقي الاجتهاد والتقليد الا إذا فرض كونه غير معذور في هذا الجهل تكليفا، وعليه يكون وجوبه ارشاديا محضا لا طريقيا. واما على الثالث فكذلك أيضا حيث إنه لا يكون وجوبه الا ارشاديا محضا لأجل الفرار عن تبعة مخالفة التكليف الواقعي كما في موارد العلم الاجمالي بالتكليف في الجمع بين المحتملات. فعلى كل تقدير حينئذ لا معنى لدعوى