المقتضى، لضرورة انه لا سنخية بين الوجود والعدم، فكيف يمكن دخل العدم المزبور في وجود المعلول بنحو المؤثرية فلا محيص حينئذ اما من اخراج عدم المانع من المقدمات ومن اجزاء العلة التامة واما من الالتزام بوجه آخر في مناط مقدمية عدم المانع غير مناط المؤثرية، بدعوى مدخلية في قابلية المعلول والأثر بلحاظ اضافته إليه لتحقق والانوجاد من قبل موجده ومؤثره، والأول كما ترى خلاف ما أطبقوا عليه من كون عدم المانع من اجزاء العلة ومن مقدمات وجود المعلول، فتعين الثاني بعد بطلان المؤثرية فيه.
واما توهم ان ذلك انما هو بالنسبة إلى العدم المطلق لا مطلقا حتى بالنسبة إلى العدم المضاف فان الثاني مما له شائبة من الوجود ومن ذلك يتميز أحدهما عن الآخر كعدم زيد في قبال عدم عمرو والا فلا ميز بين الاعدام فمدفوع بان مجرد إضافة العدم إلى المهية لا يصير العدم المزبور وجودا كيف وان المضاف وهو العدم بنفسه نقيض الوجود واما المضاف إليه وهو المهية فايضا غير مقتض للوجود لان حيثيتها حيثية عدم الاقتضاء للوجود والعدم، ولذا قيل: بان المهية من حيث هي ليس الا هي لا موجودة ولا معدومة، وحينئذ لا يبقى في البين الا نفس الإضافة التي هي من الأمور الاعتبارية وهي أيضا غير مقتضية للوجود. وبالجملة ان إضافة العدم إلى المهية ليس الا كإضافة ماهية إلى ماهية أخرى فكما ان إضافة ماهية إلى ماهية لا تقتضي وجودا كذلك في إضافة العدم إليها، بل في إضافة المهية إلى المهية ربما يكون الامر أهون، لكون الماهية بنفسها غير آبية عن الوجود بخلافه في العدم فإنه بنفسه نقيض الوجود وطارد له، نعم الإضافة المزبورة كما ذكر موجبة لتميز الاعدام بعضها عن بعض كقولك: عدم زيد غير عدم عمرو، ولكن مجرد ذلك لا يقتضى موجوديته ومؤثريته في الوجود، كما هو واضح.
ومن ذلك وقعوا في حيص وبيص في وجه دخل عدم المانع، فأفاد بعضهم ان مناط الدخل فيه انما هو من جهة منافاة وجوده مع تأثير المقتضي وحيلولته بينه وبين اثره، كما في رطوبة الخشب المانعة عن تأثير النار في الاحراق الفعلي. ولكن فيه ما لا يخفى، إذ نقول بان مرجع ذلك إلى جعل المانع من اضداد تأثير المقتضى الذي هو الأثر المترتب عليه، من جهة ان تأثير الشئ عبارة عن عين اثره كالايجاد والوجود وانما الفرق بينهما بالاعتبار بلحاظ اضافته إلى الفاعل تارة والى القابل أخرى، ومثل هذا المعنى كما ترى مناف مع مقدمية العدم المزبور، لان لازم مضادة وجوده مع تأثير المقتضى واثره هو صيرورة وجوده في