في الصدر الأول وغفلتهم عن دخل مثل دعوة الامر في عبادية الشئ، فإنه في مثله يكون طريق العلم بدخل داعي الامر هو أمر الشارع دون غيره، كما هو واضح، فعلى هذا فلا بأس بدعوى تقيد المأمور به بداعي الامر بالالتزام بأمرين طوليين: أحدهما متعلق بذات العبادة والاخر في طول الامر الأول باتيانها بداعي الامر المتعلق بها، كما هو واضح.
ثم إن لنا تقريبا آخر لتصحيح امكان تقيد المأمور به بالقرب الناشي عن دعوة الامر ولو مع وحدة الانشاء والامر، لا مع تعددهما كي يرد عليه اشكال الكفاية أخيرا: بأنه من المقطوع بأنه ليس في العبادات الا امر واحد، وبيانه انما هو بدعوى انه في مقام الامر يكون ما هو المنشأ بهذا الانشاء الشخصي في قوله: صل أو يجب الصلاة، عبارة عن طبيعة الوجوب والطلب بنحو قابل للسريان في ضمن فردين من الطلب: أحدهما متعلق بذات العبادة والاخر في طول الامر الأول بعنوان داعي الامر، كما نظيره في مثل قوله عليه السلام (إذا دخل الوقت وجب الطهور والصلاة) فان من المعلوم بداهة ان المستعمل فيه في قوله (وجب) ليس هو شخص الوجوب والطلب بل وانما هو عبارة عن طبيعة الوجوب الساري في ضمن فردين من الوجوب متعلقين بموضوعين طوليين: أحدهما الوجوب النفسي المتعلق بالصلاة والاخر الوجوب الغيري المقدمي المتعلق بالطهور.
ونظيره أيضا في مسألة حجية الاخبار مع الواسطة، حيث نقول فيها أيضا: بان الأثر الذي هو مأخوذ في موضوع وجوب التصديق انما هو عبارة عن طبيعة الأثر بنحو قابل للسريان في ضمن أفراد متعددة طولية لا انه عبارة عن شخص الأثر، كيف وانه على هذا المعنى يبقى الاشكال المعروف في شمول دليل الحجية للاخبار مع الواسطة على حاله إلى أبد الدهر إذ يقال حينئذ في تقريب ذلك الاشكال: بان شمول الحجية لمثل خبر زرارة الذي ينقل عن محمد بن مسلم عن الصفار عن الإمام عليه السلام انما يكون في ظرف يكون مؤداه الذي هو خبر ابن مسلم ذا اثر شرعي، لان معنى حجيته انما هو عبارة عن وجوب ترتيب اثر المؤدى، وصيرورة مؤداه ذا اثر شرعي انما تكون في فرض شمول دليل التعبد لخبر ابن مسلم، والا فمع عدم شمول دليل التعبد بالأثر لخبر ابن مسلم لا يصير مؤدى خبر زرارة ذا اثر شرعي. وعليه فإذا كان الأثر المفروض عبارة عن نفس وجوب التصديق مثلا وكان ذلك وجوبا واحدا شخصيا يتوجه الاشكال: بأنه كيف يمكن شمول دليل وجوب التصديق لمثل خبر زرارة الذي منشأ صيرورته ذا اثر شرعي من قبل