مع وحدتها باعتبار دخلها في مهمين أو أزيد من مسائل علمين أو أكثر، فمن جهة وفائها بهذا الغرض تكون من مسائل هذا العلم، كما أنه من جهة أخرى تكون من مسائل علم آخر، كما أنه ربما تكون المسائل المتعددة مع اختلافها وشتاتها بلحاظ دخلها في غرض واحد ومهم فارد من مسائل علم واحد.
وحينئذ فصح لنا بعد البيان المزبور دعوى ان تمايز العلوم بقول مطلق بتمايز الاغراض الداعية على تدوينها لا بتمايز موضوعاتها. ولئن أبيت من ذلك فلك ان تجعل العلوم صنفين صنف منها لا يكون امتيازها الا باغراضها كما في العلوم الأدبية والنقلية، و صنف منها يكون امتيازها بتمايز موضوعاتها كما في كثير من العلوم العقلية من الفلسفية والرياضية، بناء على ما تقدم من امكان دعوى وجود موضوع وحداني فيها سار في موضوعات مسائلها بنحو كانت الخصوصيات المأخوذة فيها على فرضها من قبيل الجهات التعليلية لطرو العرض على ذات ذلك الموضوع الوحداني، لأجرى الجميع حتى الأدبية و النقلية على منوال واحد والقول بان ميز العلوم كلية بميز موضوعاتها.
وعليه أيضا لابد من التفرقة والتفصيل في العلوم أيضا في وجه نسبة موضوع العلم إلى موضوعات مسائله بجعل النسبة بينها في مثل العلوم الرياضية بنحو الاتحاد ومن قبيل نسبة الكلى إلى افراده والطبيعي ومصاديقه، وفى مثل العلوم الأدبية والنقلية بنحو العينية ومن قبيل نسبة الكل إلى اجزائه، لأجرى جميع العلوم في ذلك على منوال واحد و القول بان النسبة بين موضوع العلم وموضوعات المسائل بقول مطلق على نحو الاتحاد كما في الكلى وافراده والطبيعي ومصاديقه، كما افاده في الكفاية. كيف وقد عرفت بأنه في كثير من العلوم كالعلوم الأدبية والنقلية وغيرها لا يكون الموضوع فيها الا عبارة عن نفس موضوعات المسائل على شتاتها واختلافها، بملاحظة عدم تصور موضوع وحداني فيها ولو معنويا بحيث يبحث في العلم عن عوارضه الذاتية. واما تلك الجهة من الوحدة الاعتبارية الطارية عليها من قبل وحدة الغرض القائم بالمجموع فهي كما عرفت غير مجدية فيما هو المقصود والمهم، لان موضوع العلم كما عرفوه عبارة: عما يبحث في العلم عن عوارضه الذاتية، ومثل هذه الجهة من الوحدة الاعتبارية الطارية لا تكاد تكون معروضة لعرض ولا مبحوثا عنها في العلم عن عوارضها الذاتية، كما هو ظاهر.