الإرادة مفهوما وانشاء وخارجا بمعنى ان ما يسمى بالطلب بالحمل الشايع هو عين الإرادة بهذا الحمل وما ينتزع عنه هذا المفهوم أي مفهوم الطلب عين ما ينتزع عنه مفهوم الإرادة، وانشاء الطلب الذي هو عبارة عن استعمال اللفظ في المفهوم بقصد الايقاع هو عين انشاء الإرادة، فكان الطلب والإرادة متحدين في جميع تلك المراحل الثلاث، ولكنه لما كان المنصرف إليه الطلب عند اطلاقه هو الطلب الانشائي وكان في الإرادة بعكس ذلك حيث كان المنصرف إليه عند اطلاقها هو الإرادة الحقيقية الخارجية دون الانشائي منها كان مثل هذا الانصراف أوجب القول بالمغايرة بينهما فتوهم أن الطلب غير الإرادة، ولكنه ليس كذلك من جهة ان ذلك انما كان من جهة ما يستفاد من قضية اطلاقهما حسب الانصراف ومثل ذلك مما لا ينكره القائل بالاتحاد، بل عليه يرتفع النزاع من البين رأسا لرجوع النزاع حينئذ إلى ما هو المستفاد من قضية اطلاق لفظ الطلب بان المستفاد منه هل هو عين ما يستفاد من لفظ الإرادة عند اطلاقها أو ان المستفاد منه هو غيره؟.
ومنها: أي من التوجيهات جعل المراد من الطلب عبارة عن الاشتياق التام الحاصل عقيب تصور الشئ والتصديق بفائدته، والإرادة عبارة عن حملة النفس وهيجانها نحو المطلوب والمراد الذي يستتبع الفعل والعمل، أو العكس بجعل الطلب عبارة عن حملة النفس والإرادة عن الاشتياق التام.
ومنها: جعل الطلب عبارة عما ينتزع عن مقام ابراز الإرادة من البعث والايجاب و الوجوب واللزوم، فيغاير حينئذ الإرادة حيث كانت الإرادة من الأمور الحقيقية القائمة بالنفس بخلاف الطلب حيث إنه كان من الأمور الاعتبارية الانتزاعية عن مقام ابراز الإرادة بالامر نحو الشئ بالايجاد.
ومنها: غير ذلك من التوجيهات المذكورة في كلماتهم.
أقول: ولا يخفى عليك ما في هذه المحامل والتوجيهات، إذ نقول وان كان يتضح بها المغايرة بينهما بل ويرتفع معها النزاع من البين، ولكن لا يساعد شئ منها كلام القائلين بالمغايرة حيث نقول: بأن الطلب وما يحكى عنه الامر عندهم عبارة عن معنى قابل للتعلق بالمحال وللتخلف عن المراد وللموضوعية لحكم العقل بوجوب الإطاعة والامتثال، كما يشهد عليه قضية استدلالهم بالأوامر الامتحانية الخالية عن الإرادة في مواردها، كما في امر إبراهيم عليه السلام بذبح ولده إسماعيل عليه السلام، واستدلالهم أيضا بتكليف الله