وبين الأوصاف الجارية على الواجب سبحانه، فكما انه في الأوصاف الجارية على غيره سبحانه تجرى المحتملات المتصورة الأربعة في التركب الانحلالي والبساطة، كذلك تجري في الأوصاف الجارية عليه سبحانه كالعالم والقادر والحي، إذ لا وجه لتخصيص النزاع المزبور بالأوصاف الجارية على الممكن الا ملاحظة عدم تصور المغايرة في الواجب بين الذات والوصف نظرا إلى رجوع جميع الصفات الثبوتية الكمالية إلى ذاته تعالى وكون علمه سبحانه عين ذاته وذاته المقدسة عين قدرته وارادته وهكذا بلا ان يكون فيه سبحانه حيث وحيث، فإنه من اجل ملاحظة هذه الجهة ربما يتوهم تعين القول الرابع بالنسبة إلى الأوصاف الجارية عليه سبحانه، بل ولعل مثل هذه الجهة أيضا ألجأ أهل المعقول في مصيرهم إلى بساطة المشتق مطلقا وجعلهم إياه عبارة عن صرف المبدأ المقابل للذات. ولكنه توهم فاسد إذ نقول بأنه في الواجب سبحانه وان لم يكن حيثية دون حيثية ولا مغايرة بين علمه وقدرته وارادته وذاته فكان هو سبحانه بحتا بسيطا من جميع الجهات وكان علمه بين ذاته وذاته عين قدرته وارادته لرجوع جميع الكمالات إلى ذاته و وجوده، ولكن نقول بان عقول الممكنات طرا لما كانت قاصرة على الإحاطة بذلك الواحد الأحد ولم تدرك منه سبحانه الا بقدر قابليتها واستعدادها فلا جرم إذا كان هم عقول الممكن جهة دون جهة وقصر النظر على علمه أو قدرته أو حياته أو ارادته سبحانه يصير مدركه لا محالة محدودا في نظره بحيث ينتزع من حد ما أدركه حيثية الذات تارة، والعلم أخرى، وحيثية الإرادة والقدرة ثالثة، وهكذا، من دون ان يكون تلك الحيثيات الانتزاعية الناشئة من جهة قصور النظر راجعة إليه سبحانه. وحينئذ فإذا كانت تلك المغايرة والحيثيات ناشئة من جهة قصور درك عقول الممكن لذلك الواحد الأحد، فلا جرم المحتملات الأربعة المزبورة تجري في الأوصاف الجارية عليه سبحانه من كونه موضوعا للمبدء مع الذات والتلبس بأجمعها كما هو قضية القول بالتركب الانحلالي أو موضوعا للمبدء والنسبة، أو لنفس المبدأ فقط. كما أن المصحح للحمل فيها أيضا هو المغايرة المزبورة ذهنا الناشئة من جهة قصور درك العقل إذ لا يحتاج في صحة الحمل إلى أزيد من المغايرة بين المفهومين من وجه واتحادهما خارجا. نعم غاية ما هناك هو كون الاتحاد بالنسبة إلى الأوصاف الجارية عليه سبحانه عينيا وبالنسبة إلى الأوصاف الجارية على غيره سبحانه اينيا فتدبر.
(١٥٢)