منها: ما استدل به أبو علي وأبو هاشم من أنه عليه السلام لو كان متعبدا بشريعة من قبله لكان لا يتوقف في قصة الظهار (1)، وقصة الميراث (2)، وقصة الإفك (3)، على نزول الوحي عليه، لان هذه الحوادث معلوم ان لها أحكاما في التوراة ظاهرة فيما بينهم، فلو كان متعبدا بذلك لرجع إلى التوراة وبحث - بزعمهم - عن الرجم، ولكان توقفه على الوحي يجرى مجرى توقفه في شئ قد بين له على الوحي، وفي فساد ذلك دليل على أنه لم يكن متعبدا الا بما ينزله الله تعالى عليه. وكان يجب أيضا أن يرجع الصحابة في معرفة الاحكام إلى التوراة وأهلها كرجوعهم إلى القران، وفي تركهم ذلك دليل على أنهم لم يتعبدوا بذلك ولا النبي عليه السلام.
ومنها: ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم صوب معاذا في قوله: " اجتهد رائى " (4) عند عدم الكتاب والسنة، فلو كان متعبدا بشريعتهم لعده في جملة ذلك، ولنبه معاذا على خطئه بترك ذلك.
وان أراد القسم الأخير: فليس في ذلك خلاف، ولا يوجب ذلك أن يكون متعبدا بشرع من تقدم، لان الامر بمثل شريعتهم إذا ورد عن الله تعالى وبين المأمور به فذلك تعبد من الله تعالى ابتداء، وليس يجب إذا امر بفعل تعبد به موسى عليه السلام ان يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم متعبدا بشريعته، لأنه لا فضل بين أن يتعبده بذلك الفعل بأن يذكره ويبين صفته، وبين أن يلزمه ويضيقه إلى موسى عليه السلام، لان في الحالين جميعا هو تعالى المتعبد به.
واما من قال: انه عليه السلام كان متعبدا بشريعة موسى عليه السلام، وقال