في الوجه الأول.
وثالثها (1). انه تعالى توعد على اتباع غير سبيلهم، وليس في ذلك دلالة على وجوب اتباع سبيلهم، فيجب أن يكون اتباع سبيلهم موقوفا على الدلالة.
وليس لهم أن يقولوا: ان الوعيد لما علقه تعالى باتباع غير سبيلهم حل محل ان يعلقه بالعدول على سبيل المؤمنين وترك اتباعهم، في أنه لا يقتضى لا محالة ان اتباع سبيل المؤمنين صواب، وان الوعيد واجب لتركه ومفارقته.
وذلك أن هذا دعوى محضة (2)، لأنه لا يمتنع أن يكون اتباع غير سبيلهم محرما، واتباع سبيلهم مباحا أو محرما.
أيضا: يبين ذلك أنه لو صرح بما تأولناه حتى يقول: اتباع غير سبيل المؤمنين محظور عليكم، واتباع سبيلهم يجوز أن يكون قبيحا وغير قبيح فاعملوا فيه بحسب الدلالة، أو يقول: اتباع سبيلهم مباح لكم، لساغ هذا الكلام ولم يتناقض، وإذا كان سائغا بطل قول من قال: ان النهى عن اتباع غير سبيلهم موجب لاتباع سبيلهم، وانه يجرى مجرى التحريم، لمفارقة سبيلهم والعدول عنها.
وليس لهم ان يقولوا: ان من لم يتبع غير سبيل المؤمنين فلابد من أن يكون متبعا لسبيلهم، فمن هاهنا حكمنا بان النهي عن أحد الامرين ايجاب للاخر، وذلك أن بين الامرين واسطة، وقد يجوز أن يخرج المكلف من اتباع غير سبيلهم واتباع سبيلهم معا بأن لا يكون متبعا سبيل أحد.
وليس لهم أن يقولوا: ان " غير " هاهنا بمعنى الا، فكأنه قال تعالى: (لا يتبع الا سبيل المؤمنين).
لان أحدنا لو قال لغيره: من (اكل غير طعامي فله العقوبة)، فالمتعارف من ذلك