وقد استدل القوم على ذلك بأشياء (١).
منها: قوله تعالى: ﴿فليحذر الذين يخالفون عن امره﴾ (٢).
قالوا: فحذرنا عن مخالفته، والامر يتناول الفعل كما يتناول القول، لان الله تعالى قال: ﴿يدبر الامر من السماء إلى الأرض﴾ (٣)، وقال: ﴿واليه يرجع الامر كله﴾ (٤)، وقال: ﴿وما امر فرعون برشيد﴾ (٥)، وإذا ثبت ان الامر يتناول الفعل كما يتناول القول، وجب أن تكون أفعاله عليه السلام على الوجوب، والا لم يجب التحذر من مخالفتها.
والجواب عن ذلك: ان الآية لا تدل على ما قالوه من وجوه:
أحدها: ان لفظ الامر موضوع في الحقيقة للقول بدلالة ما قدمناه في أول الكتاب في باب الأوامر (٦)، وإذا صح ذلك لم تتناول الآية الفعل، وذلك يبطل التعلق بها، وما تقدم من قوله: ﴿لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا﴾ (٧) يدل على أن المراد بالآية القول دون الفعل، وانه أراد ما ندبهم إليه وأمرهم به.
ومنها: انه قيل إن الهاء في قوله ﴿عن امره﴾ (8) يرجع إلى أقرب المذكورين وهو الله تعالى، وإذا ثبت ذلك فحملها على الرسول عليه السلام ورجوعها إليه حتى يمكن الاستدلال بها لا يصح.
ولا يمكن ان يقال: انها (9) ترجع إليهما، لان الكناية عن واحد، فكيف يحمل