فأما مخالفته في القول: هو أن يأمرنا بفعل فلا نفعله، أو نفعل خلافه فنكون مخالفين له.
واما اتباع المأموم للامام في الصلاة، فعند أكثر الفقهاء (1) جاز على الوجه الذي قدمناه.
ومنهم: أجاز ان يكون الامام مؤديا فرضا، والمأموم أن يكون متنفلا، ولمن قال ذلك أن يقول:
انما قلت ذلك لدليل دل عليه، والا فالظاهر من اتباعه يقتضى خلاف ذلك.
وأيضا أن يقول: إن اتباعه لم يصح بأن يفعل (3) الفعل متقربا به أو بأن نوافق في نية الصلاة فقط دون وجوبها أو ندبها، فليس ذلك نقضا لما قدمناه وقد.
وقد وصف من أنكر جواز التأسي به صلى الله عليه وسلم في أفعاله بأنه مخالف، لكن هذا الخلاف يرجع إلى القول لا إلى الفعل.
واما الذي يدل على أنه لا يجب من جهة العقل التأسي به واتباعه في أفعاله فهو ان مصالح العباد يجوز أن تختلف في الشرعيات كما ثبت في كثير من ذلك، الا ترى ان الحائض يفارق حكمها حكم الطاهر، وحكم الغنى يفارق (4) حكم الفقير في وجوب الحج والزكاة عليه، وكذلك يخالف حكم الصحيح حكم العليل في كيفية أداء الصلاة، وكذلك يخالف حكم المسافر حكم الحاضر، وأمثلة ذلك أكثر من أن تحصى.
وإذا ثبت ذلك فلا يمتنع أيضا ان تكون مصالح النبي صلى الله عليه وآله وسلم تخصه، ويكون حالنا بخلاف حاله، بل ربما كانت مفسده لنا حتى متى فعلناها