فيما لهم وما عليهم وهو حال مقدرة «ومبشرا ونذيرا» تبشر المؤمنين بالجنة وتنذر الكافرين بالنار «وداعيا إلى الله» أي إلى الاقرار به وبوحدانيته وبسائر ما يجب الايمان به من صفاته وافعاله «بإذنه» أي بتيسيره اطلق عليه مجازا لما انه من أسبابه وقيد به الدعوة ايذانا بأنها امر صعب المنال وخطب في غاية الاعضال لا يتأتي الا بإمداد من جناب قدسه كيف لا وهو صرف للوجوه عن القبل المعبودة وادخال الأعناق في قلادة غير معهودة «وسراجا منيرا» يستضاء به في ظلمات الجهل والغواية ويهتدي بأنواره إلى مناهج الرشد والهداية «وبشر المؤمنين» عطف على مقدر يقتضيه المقام ويستدعيه النظام كأنه قيل فراقب أحوال الناس وبشر المؤمنين منهم «بأن لهم من الله فضلا كبيرا» أي على مؤمني سائر الأمم في الرتبة والشرف أو زيادة على أجور اعمالهم بطريق التفضل والاحسان «ولا تطع الكافرين والمنافقين» نهى عن مداراتهم في امر الدعوة واستعمال لين الجانب في التبليغ والمسامحة في الانذار كنى عن ذلك بالنهي عن طاعتهم مبالغة في الزجر والتنفير عن المنهي عنه بنظمه في سلكها وتصويره بصورتها ومن حمل النهي على التهييج والإلهاب فقد ابعد عن التحقيق بمراحل «ودع أذاهم» أي لا تبال بأذيتهم لك بسبب تصلبك في الدعوة والانذار «وتوكل على الله» في كل ما تأتي وما تذر من الشؤون التي من جملتها هذا الشأن فإنه تعالى يكفيكهم «وكفى بالله وكيلا» موكولا اليه الأمور في كل الأحوال واظهار الاسم الجليل في موضع الاضمار لتعليل الحكم وتأكيد استقلال الاعتراض التذييل ولما وصف صلى الله عليه وسلم بنعوت خمسة قوبل كل منها بخطاب يناسبه خلا انه لم يذكر مقابل الشاهد صريحا وهو الامر بالمراقبة ثقة بظهور دلالة مقابل المبشر عليه وهو الامر بالتبشير حسبما ذكر آنفا وقوبل النذير بالنهي عن مداراة الكفار والمنافقين والمسامحة في إنذارهم كما تحققته وقوبل الداعي إلى الله بإذنه بالامر بالتوكل عليه من حيث انه عبارة عن الاستمداد منه تعالى والاستعانة به وقوبل السراج المنير بالاكتفاء به تعالى فإن من أيده الله تعالى بالقوة القدسية ورشحه للنبوة وجعله برهانا نيرا يهدي الخلق من ظلمات الغي إلى نور الرشاد حقيق بأن يكتفي به عن كل ما سواه «يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن» أي تجامعوهن وقرئ تماسوهن بضم التاء «فما لكم عليهن من عدة» بأيام يتربصن فيها بأنفسهن «تعتدونها» تستوفون عددها من عددت الدراهم فاعتدها وحقيقته عدها لنفسه وكذلك كلته فاكتاله والاسناد إلى الرجال للدلالة على ان العدة حق
(١٠٨)