أي الا ينظرون فلا يبصرون ذلك ليستدلوا به على كمال قدرته تعالى وفضله «ويقولون» كان المسلمون يقولون الله سيفتح لنا على المشركين أو يفصل بيننا وبينهم وكان أهل مكة إذا سمعوه يقولون بطريق الاستعجال تكذيبا واستهزاء «متى هذا الفتح» أي النصر أو الفصل بالحكومة «إن كنتم صادقين» في أن الله تعالى ينصركم أو يفصل بيننا وبينكم «قل» تبكيتا لهم وتحقيقا للحق «يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون» يوم الفتح يوم القيامة وهو يوم الفصل بين المؤمنين وأعدائهم ويوم نصرهم عليهم وقيل هو يوم بدر وعن مجاهد والحسن يوم فتح مكة والعدول عن تطبيق الجواب على ظاهر سؤالهم للتنبيه على أنه ليس مما ينبغي ان يسأل عنه لكونه امرا بينا غنيا عن الاخبار به وكذا إيمانهم واستنظارهم يومئذ وإنما المحتاج إلى البيان عدم نفع ذلك الايمان وعدم الانظار كأنه قيل لا تستعجلوا فكأني بكم قد آمنتم فلم ينفعكم واستنظرتم فلم تنظروا وهذا على الوجه الأول ظاهر وأما على الأخيرين فالموصول عبارة عن المقتولين يؤمئذ لا عن كافة الكفرة كما في الوجه الأول كيف لا وقد نفع الايمان الطلقاء يوم الفتح وناسا آمنوا يوم بدر «فأعرض عنهم» ولا تبال بتكذيبهم «وانتظر» النصرة عليهم وهلاكهم «إنهم منتظرون» قيل أي الغلبة عليكم كقوله تعالى فتربصوا إنا معكم متربصون والأظهر أن يقال إنهم منتظرون هلاكهم كما في قوله تعالى «هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام» الآية ويقرب منه ما قيل «وانتظر» عذابنا «إنهم منتظرون» فإن استعجالهم المذكور وعكوفهم على ما هم عليه من الكفر والمعاصي في حكم انتظارهم العذاب المترتب عليه لا محالة وقرئ على صيغة المفعول على معنى أنهم أحقاء بأن ينتظر هلاكهم أو فإن الملائكة ينتظرونه عن النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ ألم تنزيل وتبارك الذي بيده الملك أعطى من الاجر كأنما أحيا ليلة القدر وعنه صلى الله عليه وسلم من قرأ ألم تنزيل في بيته لم يدخله الشيطان ثلاثة أيام
(٨٨)