«من دون الله قالوا ضلوا عنا» أي يقال لهم ويقولون وصيغة الماضي للدلالة على التحقق ومعنى ضلوا عنا غابوا عنا وذلك قبل ان يقرن بهم آلهتهم أو ضاعوا عنا فلم نجد ما كنا نتوقع منهم «بل لم نكن ندعوا من قبل شيئا» أي بل تبين لنا انا لم نكن نعبد شيئا بعبادتهم لما ظهر لنا اليوم انهم لم يكونوا شيئا يعتد به كقولك حسبته شيئا فلم يكن «كذلك» أي مثل ذلك الضلال الفظيع «يضل الله الكافرين» حيت لا يهتدون إلى شيء ينفعهم في الآخرة أو كما ضل عنهم آلهتهم يضلهم عن آلهتهم حتى لو تطالبوا لم يتصادفوا «ذلكم» الاضلال «بما كنتم تفرحون في الأرض» أي تبطرون وتتكبرون «بغير الحق» وهو الشرك والطغيان «وبما كنتم تمرحون» تتوسعون في البطر والأشر والالتفات للمبالغة في التوبيخ «ادخلوا أبواب جهنم» أي أبوابها السبعة المقسومة لكم «خالدين فيها» مقدرا خلودكم فيها «فبئس مثوى المتكبرين» أي عن الحق جهنم والتعبير عن مدخلهم بالمثوى لكون دخولهم بطريق الخلود «فاصبر» إلى ان يلاقوا ما أعد لهم من العذاب «إن وعد الله» بتعذيبهم «حق» كائن لا محالة «فإما نرينك» أي فإن نرك وما مزيدة لتأكيد الشرطية ولذلك لحقت النون الفعل ولا تلحقه مع ان وحدها «بعض الذي نعدهم» وهو القتل والأسر «أو نتوفينك» قبل ذلك «فإلينا يرجعون» يوم القيامة فنجازيهم بأعمالهم وهو جواب نتوفينك وجواب نرينك محذوف مثل فذاك ويجوز ان يكون جوابا لها بمعنى ان نعذبهم في حياتك أو لم نعذبهم فإنا نعذبهم في الآخرة أشد العذاب وأفظعه كما ينبئ عنه الاقتصار على ذكر الرجوع في هذا المعرض «ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك» إذ قيل عدد الأنبياء عليهم السلام مائة وأربعة وعشرون ألفا والمذكور قصصهم افراد معدودة وقيل أربعة آلاف من بني إسرائيل وأربعة آلالف من سائر الناس «وما كان لرسول» أي وما صح وما استقام لرسول منهم «أن يأتي بآية إلا بإذن الله» فإن المعجزات على تشعب فنونها عطايا من الله تعالى قسمها بينهم حسبما اقتضته مشيئته المبنية على الحكم البالغة كسائر القسم ليس لهم اختار في ايثار بعضها والاستبداد بإتيان المقترح منها
(٢٨٥)