قريب» يعلم قول كل من المهتدى والضال وفعله وإن بالغ في إخفائهما «ولو ترى إذ فزعوا» عند الموت أو البعث أو يوم بدر وعن ابن عباس رضى الله عنهما أن ثمانين ألفا يغزون الكعبة ليخربوها فإذا دخلوا البيداء خسف بهم وجواب لو محذوف أي لرأيت أمرا هائلا «فلا فوت» فلا يفوتون الله عز وجل يهرب أو تحصن «وأخذوا من مكان قريب» من ظهر الأرض أو من الموقف إلى النار أو من صحراء بدر إلى قليبها أو من تحت أقدامهم إذا خسف بهم والجملة معطوفة على فزعوا وقيل على لا فوت على معنى إذ فزعوا فلم يفوتوا وأخذوا ويؤيده أنه قرئ واخذ بالعطف على محله أي فلا فوت هنا وهناك أخذ «وقالوا آمنا به» أي بمحمد صلى الله عليه وسلم وقد مر ذكره في قوله تعالى ما بصاحبكم «وأنى لهم التناوش» التناوش التناول السهل أي ومن اين لهم أن يتناولوا الايمان تناولا سهلا «من مكان بعيد» فإنه في حيز التكليف وهم منه بمعزل بعيد وهو تمثيل حالهم في الاستخلاص بالايمان بعد ما فات عنهم وبعد بحال من يريد أن يتناول الشئ من غلوة تناوله من ذراع في الاستحالة وقرئ بالهمزة على قلب الواو لضمها وهو من نأشت الشئ إذا طلبته وعن أبي عمرو التناؤش بالهمز التناول من بعد من قولهم نأشت إذا أبطأت وتأخرت ومنه قول من قال تمنى نئيشا ان يكون أطاعني وقد حدثت بعد الأمور أمور «وقد كفروا به» أي بمحمد صلى الله عليه وسلم أو بالعذاب الشديد الذي أنذرهم إياه «من قبل» أي من قبل ذلك في أوان التكليف «ويقذفون بالغيب» ويرجمون بالظن ويتكلمون بما لم يظهر لهم في حق الرسول صلى الله عليه وسلم من المطاعن أو في العذاب المذكور من بت القول بنفيه «من مكان بعيد» من جهة بعيدة من حاله صلى الله عليه وسلم حيث ينسبونه صلى الله عليه وسلم إلى الشعر والسحر والكذب وإن ابعد شئ مما جاء به الشعر والسحر وأبعد شئ من عادته المعروفة فيما بين الداني والقاصي الكذب ولعله تمثيل لحالهم في ذلك بحال من يرمى شيئا لا يراه من مكان بعيد لا مجال للوهم في لحوقه وقرئ ويقذفون على أن الشيطان يلقى إليهم ويلقنهم ذلك وهو معطوف على قد كفروا به على حكاية الحال الماضية أو على قالوا فيكون تمثيلا لحالهم بحال القاذف في تحصيل ما ضيعوه من الايمان في الدنيا «وحيل بينهم وبين ما يشتهون» من نفع الايمان والنجاة من النار وقرئ بإشمام الضم للحاء «كما فعل بأشياعهم من قبل» أي بأشباههم من كفرة الأمم الدارجة «إنهم كانوا في شك مريب» أي موقع في الريبة أو ذي ريبة والأول منقول ممن يصح أن يكون مريبا من الأعيان إلى المعنى والثاني من صاحب الشك إلى الشك كما يقال شعر شاعر والله أعلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة سبأ لم يبق رسول ولا نبي إلا كان له يوم القيامة رفيقا ومصافحا
(١٤٠)