للإسلام وتوفيقك لحسن تربيته ومراعاته «وأنعمت عليه» بالعمل بما وفقك الله له من فنون الاحسان التي من جملتها تحريره وهو زيد بن حارثة وإيراده بالعنوان المذكور لبيان منافاة حالة لما صدر عنه صلى الله عليه وسلم من إظهار خلاف ما في ضميره إذ هو إنما يقع عند الاستحياء أو الاحتشام وكلاهما مما لا يتصور في حق زيد «أمسك عليك زوجك» أي زينب وذلك أنه صلى الله عليه وسلم أبصرها بعد ما أنكحها إياه فوقعت في نفسه حالة جبلية لا يكاد يسلم منها البشر فقال سبحان الله مقلب القلوب وسمعت زينب بالتسبيحة فذكرتها لزيد ففطن لذلك ووقع في نفسه كراهة صحبتها فاتى النبي صلى الله عليه وسلم وقال أريد ان أفارق صاحبتي فقال مالك أرابك منها شئ قال لا والله ما رأيت منها إلا خيرا ولكنها لشرفها تتعظم على فقال له امسك عليك زوجك «واتق الله» في امرها فلا تطلقها إضرارا وتعللا بتكبرها «وتخفي في نفسك ما الله مبديه» وهو نكاحها إن طلقها أو إرادة طلاقها «وتخشى الناس» تعييرهم إياك به «والله أحق أن تخشاه» إن كان فيه ما يخشى والواو للحال وليست المعاتبة على الاخفاء وحده بل على الاخفاء مخافة قالة الناس وإظهار ما ينافي إضمار فإن الأولى في أمثال ذلك أن يصمت أو يفوض الامر إلى ربه «فلما قضى زيد منها وطرا» بحيث لم يبق له فيها حاجة وطلقها وانقضت عدتها وقيل قضاء الوطر كناية عن الطلاق مثل لا حاجة لي فيك «زوجناكها» وقرئ زوجتكها والمراد الأمر بتزويجها منه صلى الله عليه وسلم وقيل جعلها زوجته بلا واسطة عقد ويؤيده أنها كانت تقول لسائر نساء النبي صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى تولى نكاحي وأنتن زوجكن أولياؤكن وقيل كان زيد السفير في خطبتها وذلك ابتلاء عظيم وشاهد عدل بقوة إيمانه «لكي لا يكون على المؤمنين حرج» ضيق ومشقة «في أزواج أدعيائهم» أي في حق تزوجهن «إذا قضوا منهن وطرا» فإن لهم في رسول الله أسوة حسنة وفيه دلالة على ان حكمه صلى الله عليه وسلم وحكم الأمة سواء إلا ما خصه الدليل «وكان أمر الله» أي ما يرتد تكوينه من الأمور أو مأموره الخاص بكن «مفعولا» مكونا لا محالة اعتراض تذييلى مقرر لما قبله «ما كان على النبي من حرج» أي ما صح وما استقام في الحكمة ان يكون له ضيق «فيما فرض الله له» أي قسم له وقدر من قولهم فرض له في الديوان كذا ومنه فروض العساكر لأعطياتهم «سنة الله» اسم موضوع موضع المصدر كقولهم ترابا وجندلا مؤكد لما قبله من نفى الحرج أي سن الله ذلك سنة «في الذين خلوا» مضوا «من قبل» من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام حيث وسع عليهم في باب النكاح وغيره ولقد كانت لداود عليه السلام مائة امرأة وثلاثمائة سرية ولسليمان عليه السلام ثلاثمائة امرأة وسبعمائة وقوله تعالى «وكان أمر الله قدرا مقدورا» أي قضاء مقضيا وحكما مبتوتا اعتراض وسط بين الموصولين الجاريين مجرى الواحد للمسارعة إلى تقرير نفى الحرج وتحقيقه
(١٠٥)