عائشة رضى الله عنها فكره النبي ذلك فنزلت «ذلكم» أي ما ذكر من عدم الدخول بغير إذن وعدم الاستئناس للحديث عند الدخول وسؤال المتاع من وراء حجاب «أطهر لقلوبكم وقلوبهن» أي أكثر تطهيرا من الخواطر الشيطانية «وما كان لكم» أي وما صح وما استقام لكم «أن تؤذوا رسول الله» أي ان تفعلوا في حياته فعلا يكرهه ويتأذى به «ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا» أي من بعد وفاته أو فراقه «إن ذلكم» إشارة إلى ما ذكر من ايذائه صلى الله عليه وسلم ونكاح أزواجه من بعده وما فيه من معنى البعد للايذان ببعد منزلته في الشر والفساد «كان عند الله عظيما» أي امرا عظيما وخطبا هائلا لا يقادر قدره وفيه من تعظيمه تعالى لشأن رسوله صلى الله عليه وسلم وايجاب حرمته حيا وميتا مالا يخفي ولذلك بالغ تعالى في الوعيد حيث قال «إن تبدوا شيئا» مما لا خير فيه كنكاحهن على ألسنتكم «أو تخفوه» في صدوركم «فإن الله كان بكل شيء عليما» فيجازيكم بما صدر عنكم من المعاصي البادية والخافية لا محالة وفي هذا التعميم مع البرهان على المقصود مزيد تهويل وتشديد ومبالغة في الوعيد «لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن» استئناف لبيان من لا يجب الاحتجاب عنهم روى أنه لما نزلت آية الحجاب قال الآباء والأبناء والأقارب يا رسول الله أو نكلمهن أيضا من وراء الحجاب فنزلت وانما لم يذكر العم والخال لأنهما بمنزلة الوالدين ولذلك سمي العم ابا في قوله تعالى واله آبائك إبراهيم وإسماعيل واسحق أو لأنه اكتفى عن ذكرهما بذكر أبناء الاخوة وأبناء الأخوات فإن مناط عدم لزوم الاحتجاب بينهن وبين الفريقين عين ما بينهن وبين العم والخال من العمومة والخؤولة لما انهن عمات لأبناء الاخوة وخالات لأبناء الأخوات وقيل لأنه كره ترك الاحتجاب منهما مخافة ان يصفاهن لا بنائهما «ولا نسائهن» أي نساء المؤمنات «ولا ما ملكت أيمانهن» من العبيد والإماء وقيل من الإماء خاصة وقد مر في سورة النور «واتقين الله» في كل ما تأتن وما تذرن لا سيما فيما امرتن به ونهيتن عنه «إن الله كان على كل شيء شهيدا» لا تخفي عليه خافية ولا تتفاوت في علمه الأحوال «إن الله وملائكته» وقرئ وملائكته بالرفع عطفا على محل ان اسمها عند الكوفيين وحملا على حذف الخبر ثقة بدلالة ما بعده عليه على رأى البصريين «يصلون على النبي» قيل الصلاة من الله الرحمة ومن الملائكة الاستغفار وقال ابن عباس رضي الله عنهما أراد ان الله يرحمه والملائكة يدعون له وعنه أيضا يصلون يبركون وقال أبو العالية صلاة الله
(١١٣)