فقرر في يدها وأجرى عليها فرجعت به إلى بيتها من يومها وذلك قوله تعالى «فرددناه إلى أمه كي تقر عينها» بوصول ولدها إليها «ولا تحزن» بفراقه «ولتعلم أن وعد الله» أي جميع ما وعده من رده وجعله من المرسلين «حق» لا خلف فيه بمشاهدة بعضه وقياس بعضه عليه «ولكن أكثرهم لا يعلمون» أن الامر كذلك فيرتابون فيه أو أن الغرض الأصلي من الرد علمها بذلك وما سواه تبع وفيه تعريض بما فرط منها حين سمعت بوقوعه في يد فرعون «ولما بلغ أشده» أي المبلغ الذي لا يزيد عليه نشؤه وذلك من ثلاثين إلى أربعين فإن العقل يكمل حينئذ وروى أنه لم يبعث نبي إلا على رأس الأربعين «واستوى» أي اعتدل قده أو عقله «آتيناه حكما» أي نبوة «وعلما» بالدين أو علم الحكماء والعلماء وسمتهم قبل استنبائه فلا يقول ولا يفعل ما يستجهل فيه وهو أوفق لنظم القصة لأنه تعالى استنبأه بعد الهجرة في المراجعة «وكذلك» ومثل ذلك الذي فعلنا بموسى وأمه «نجزي المحسنين» على إحسانهم «ودخل المدينة» أي مصر من قصر فرعون وقيل منف أو حابين أو عين شمس من نواحيها «على حين غفلة من أهلها» في وقت لا يعتاد دخولها أو لا يتوقعونه فيه قيل كان وقت القيلولة وقيل بين العشاءين «فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته» أي ممن شايعه على دينه وهم بنو إسرائيل «وهذا من عدوه» أي من مخالفيه دينا وهم القبط والإشارة على الحكاية «فاستغاثه الذي من شيعته» أي سأله أن يغيثه بالإعانة كما ينبيء عنه تعديته بعلى وقرئ استعانه «على الذي من عدوه فوكزه موسى» أي ضرب القبطي بجمع كفه وقرى فلكزه أي فضرب به صدره «فقضى عليه» فقتله واصله أنهى حياته من قوله تعالى وقضينا اليه ذلك الامر «قال هذا من عمل الشيطان» لأنه لم يكن مأمورا بقتل الكفار أو لأنه كان مأمونا فيما بينهم فلم يكن له اغتيالهم ولا يقدح ذلك في عصمته لكونه خطأ وإنما عدة من عمل الشيطان وسماه ظلما واستغفر منه جريا على سنن المقربين في استعظام ما فرط منهم ولو كان من محقرات الصغائر «إنه عدو مضل مبين» ظاهر العداوة والاضلال «قال» توسيطه بين كلاميه صلى الله عليه وسلم لإبانة ما بينهما من المخالفة من حيث إنه مناجاة
(٦)