«أفمن وعدناه وعدا حسنا» أي وعدا بالجنة فإن حسن الوعد بحسن الموعود «فهو لاقيه» أي مدركة لا محالة لاستحالة الخلف في وعده تعالى ولذلك جئ بالجملة الاسمية المفيدة لتحققه البتة وعطفت بالفاء المنبئة عن معنى السببية «كمن متعناه متاع الحياة الدنيا» الذي هو مشوب بالآلام منغص بالأكدار مستتبع للتحسر على الانقطاع ومعنى الغاء الأولى ترتيب إنكار التشابه بين أهل الدنيا وأهل الآخرة على ما قبلها من ظهور التفاوت بين متاع الحياة الدنيا وبين ما عند الله تعالى أي أبعد هذا التفاوت الظاهر يسوى بين الفريقين وقوله تعالى «ثم هو يوم القيامة من المحضرين» عطف على متعناه داخل معه في حيز الصلة مؤكد لإنكار التشابه ومقرر له كأنه قيل كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم نحضره أو أحضرناه يوم القيامة النار أو العذاب وإيثار الجملة الاسمية للدلالة على التحقق حتما وفي جعله من جلمة المحضرين من التهويل ما لا يخفى وثم للتراخى في الزمان أو في الرتبة وقرئ ثم هو بسكون الهاء تشبيها للمنفصل بالمتصل «ويوم يناديهم» منصوب بالعطف على يوم القيامة لاختلافهما عنوانا وإن اتحدا ذاتا أو بإضمار اذكر «فيقول» تفسير للنداء «أين شركائي الذين كنتم تزعمون» أي الذين كنتم تزعمونهم شركائي فحذف المفعولان معا ثقة بدلالة الكلام عليهما «قال» استئناف مبنى على حكاية السؤال كأنه قيل فماذا صدر عنهم حينئذ فقيل قال «الذين حق عليهم القول» وهم شركاؤهم من الشياطين أو رؤساؤهم الذين اتخذوهم أربابا من دون الله تعالى بأن أطاعوهم في كل ما أمروهم به ونهوا عنه ومعنى حق عليهم القول أنه ثبت مقتضاه وتحقق مؤداه وهو قوله تعالى لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين وغيره من آيات الوعيد وتخصيصهم بهذا الحكم مع شموله للأتباع أيضا لأصالتهم في الكفر واستحقاق العذاب حسبما يشعر به قوله تعالى لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم ومسارعتهم إلى الجواب مع كون السؤال للعبدة إما لتفطنهم أن السؤال عنهم لاستحضارهم وتوبيخهم بالاضلال وجزمهم بأن العبدة سيقولون هؤلاء أضلونا وإما لأن العبدة قد قالوه اعتذار أو هؤلاء إنما قالوا ما قالوا ردا لقولهم إلا أنه لم يحك قول العبدة إيجازا لظهوره «ربنا هؤلاء الذين أغوينا» أي هم الذين أغويناهم فحذف الراجع إلى الموصول ومرادهم بالإشارة بيان أنهم يقولون ما يقولون بمحضر منهم وانهم غير قادرين على إنكاره ورده وقوله تعالى «أغويناهم كما غوينا» هو الجواب حقيقة وما قبله تمهيد له أي
(٢١)