ومنهم من يسميه جحدا، وأنكره بعضهم. وسبق الفرق بين الجحد والنفي في الكلام على قاعدة المنفى.
وقال ابن الحاجب: هي لنفى الحال في اللغتين الحجازية والتميمية، نحو: ما زيد منطلقا ومنطلق; ولهذا جعلها سيبويه في النفي جوابا ل " قد " في الإثبات; ولا ريب أن " قد " للتقريب من الحال، فلذلك جعل جوابا لها في النفي.
قال: ويجوز أن تستعمل للنفي في الماضي والمستقبل عند قيام القرائن، قال تعالى حكاية عن الكفار: * (وما نحن بمنشرين) *، * (وما نحن بمبعوثين) *.
وفى الماضي، نحو: * (ما جاءنا من بشير ولا نذير) *، فإنه ورد للتعليل، على معنى كراهة أن يقولوا عند إقامة الحجة عليهم: ما جاءنا في الدنيا من بشير ولا نذير; وهذا للماضي المحقق، وأمثال ذلك كثير.
قال: ثم إن سيبويه جعل فيها معنى التوكيد; لأنها جرت موضع " قد " في النفي، فكما أن " قد " فيها معنى التأكيد، فكذلك ما جعل جوابا لها.
وهنا ضابط; وهو إذا ما أتت بعدها " إلا " في القرآن; فهي من نفى " إلا في ثلاثة عشر موضعا ":
أولها: في البقرة قوله تعالى: * (مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا) *.
الثاني: * (فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون) *.
الثالث: في النساء قوله: * (لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين) *.
الرابع: * (ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف) *.