* (قل إن كانت لكم الدار الآخرة) *، وليست " لن " مع " كان " من صيغ العموم; لأن " كان " لا تدخل على حدث; وإنما هي داخلة على المبتدأ والخبر، عبارة عن قصر الزمان الذي كان فيه ذلك الحدث; كأنه يقول: إن كان قد وجب لكم الدار الآخرة، فتمنوا الموت، ثم قال في الجواب: * (ولن يتمنوه) *، فانتظم معنى الآيتين.
وأما التأبيد فلا يدل على الدوام، تقول: زيد يصوم أبدا، ويصلى أبدا; وبهذا يبطل تعلق المعتزلة بأن " لن " تدل على امتناع الرؤية; ولو نفى ب " لا " لكان لهم فيه متعلق; إذ لم يخص بالكتاب أو بالسنة، وأما الإدراك الذي نفى ب " لا " فلا يمنع من الرؤية; لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " أنكم ترون ربكم "، ولم يقل: " تدركون ربكم "، والعرب تنفى المظنون ب " لن " والمشكوك ب " لا ".
وممن صرح بأن التأبيد عبارة عن الزمن الطويل لا عن الذي لا ينقطع ابن الخشاب.
وقد سبق مزيد كلام فيها في فصل التأبيد وأدواته.
قيل: وقد تأتى للدعاء كما أتت " لا " لذلك، ومنه قوله تعالى: * (قال رب بما أنعمت على فلن أكون ظهيرا للمجرمين) *.
ومنعه آخرون، لأن فعل الدعاء لا يسند إلى المتكلم; بل إلى المخاطب والغائب، نحو:
يا رب لا عذبت فلانا! ونحوه:
لا عذب الله عمرا.