وقال ابن السيد: إنما دخلت لما يقتضيه معنى المنع لا يحتمل حقيقة اللفظ; لأن المانع من الشئ بأمر الممنوع، بألا يفعل، مهما كان المنع في تأويل الأمر بترك الفعل، والحمل على تركه أجراه مجراها.
ومن هنا قوله تعالى: * (لئلا يعلم أهل الكتاب) * أي لئن لم، لأن المعنى يتم بذلك.
وقيل: ليست زائدة والمعنى عليها.
وهذا كما تكون محذوفة لفظا مرادة معنى، كقوله تعالى: * (يبين الله لكم أن تضلوا) *، المعنى ألا تضلوا; لأن البيان إنما يقع لأجل ألا تضلوا.
وقيل: على حذف مضاف، أي كراهة أن تضلوا.
وأما السيرافي فجعلها على بابها، حيث جاءت، زعم أن الإنسان إذا فعل شيئا لأمر ما، قد يكون فعله لضده، فإذا قلت: جئت لقيام زيد، فإن المعنى أن المجئ وقع لأجل القيام، وهل هو لأن يقع أو لئلا يقع؟ محتمل، فمن جاء للقيام، فقد جاء لعدم القيام، ومن جاء لعدم القيام فقد جاء للقيام; برهان ذلك أنك إذا نصصت على مقصودك، فقلت: جئت لأن يقع، أو أردت إن يقع، فقد جئت لعدم القيام، أي لأن يقع عدم القيام، وهو - أعني عدم الوقوع - طلب وقوعه.
وإن قلت: وقصدي ألا يقع القيام، ولهذا جئت، فقد جئت لأن يقع عدم القيام، فيتصور أن تقول: جئت للقيام، تعنى به عدم القيام.
وكذلك قوله تعالى: * (يبين الله لكم أن تضلوا) * أي يبين الضلال، أي لأجل الضلال يقع البيان: هل هو لوقوعه أو عدمه؟ المعنى: يبين ذلك.